للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث

وصل معاني الكلام بعضه ببعض أولى ما وجد إلى ذلك سبيل (١)

معلومٌ أن إجراء الكلام على اتّساق وترابط معانيه، السّابق منها واللّاحق، أرسخ في باب الفصاحة والبلاغة من تفريق معاني الكلام وتشتيتها، وقد جاء القرآن الكريم منسجمًا مع ذلك ولا ريب؛ فالقرآن الكريم قد بلغ من البلاغة غايتها، فوصل معانيه ببعضها أولى ما وجد إلى ذلك سبيل (٢).

قال ابن عطية ردا على من خالف هذه القاعدة: "وهذا تفسير من انتزع ألفاظ آخر الآية عما تقدمها وارتبط بها من المعنى، وعما تأخر أيضًا .. " (٣).

وذكر ابن جزي الكلبي من وجوه الترجيح: " .. أن يشهد بصحة القول سياق الكلام، ويدل عليه ما قبله أو ما بعده" (٤).

نماذج توضح الضابط:

النموذج الأول:

ما جاء في تفسير قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا


(١) قواعد التفسير (١/ ٢٥١).
(٢) المرجع السابق (١/ ٢٤٩) بتصرف.
(٣) المحرر الوجيز (٢/ ٢٤٨، ٢٤٩).
(٤) التسهيل لعلوم التنزيل (١/ ١٩).

<<  <   >  >>