للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الخامس

علاقة (التفسير بالبيان المتَّصل) بالسِّياق

استخدم العلماء السِّياق في مؤلفاتهم منذ القدم، غير أنه لم يعرف كمصطلح إلا في وقت متأخر، وممن أشار إليه من المتقدمين الإمام الشافعي في كتابه "الرسالة"، حيث عقد بابا سماه " الصّنف الذي يبيِّن سياقه معناه" (١).

ويجدر بنا بدايةً التعرف على معنى السِّياق من خلال النّظر في استخدامات المفسّرين له في كتبهم، ثم النّظر في التعاريف التي وضعها العلماء له.

أولا: استخدامات السِّياق في كتب التفسير:

عبَّر المفسرون عن السِّياق بتعابيرَ متنوعةٍ، منها (٢):

١ - ما قبل الكلام وما بعده، ومنه قول أبي حيان (٣) عند تفسير قوله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} (٤).

قال: " .. فعلى ما روي من سبب نزول هذه الآية يكون أمرًا بالتزود في الأسفار الدنيوية، والذي يدل عليه سياق ما قبل هذا الأمر وما بعده، أن يكون الأمر بالتزود هنا بالنسبة إلى تحصيل الأعمال الصالحة التي تكون له كالزَّاد إلى سفره للآخرة، ألا ترى


(١) الرسالة، للشافعي (١/ ٦٢).
(٢) يُنظر: ضوابط القطعي من تفسير القرآن الكريم، لمحمد ياسين (٢/ ٢٦٦)، باختصار.
(٣) هو محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيّان الغرناطي، ولد سنة ٦٥٤ هـ، كان إمام زمانه في علم النحو واللغة والقراءات والحديث، أشعري العقيدة، له الكثير من المؤلفات، منها: "البحر المحيط" في التفسير، وَ" التذييل والتكميل في شرح التسهيل"، توفي سنة ٧٤٥ هـ. يُنظر: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (٦/ ٥٨)، بغية الوعاة (١/ ٢٨٠)، والبدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، للشوكاني (٢/ ٢٩٠)، والمفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات، للمغراوي (ص: ١٠٨٧).
(٤) سورة البقرة: من آية (١٩٧).

<<  <   >  >>