للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[توطئة]

قد يتّصل الكلام بين الآيات والجمل مع انفصال المعنى، وقد جاء ذلك في آيات القرآن الكريم كأسلوبٍ من أساليب العرب في كلامهم.

قال ابن الجوزي (١): " .. من أغمض ما يأتي من الكلام أن تحكي عن شخص شيئًا ثم تصله بالحكاية عن آخر"، واستشهد لذلك بآيات من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: {قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (٥٢)} (٢).

قال: {قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} هذا قول الكفار، فقالت الملائكة: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ} (٣).

ولا شك أن الالتزام بقواعد مضبوطةٍ في تفسير الآيات يحدّ من غموضها، ومن الوقوع في إشكالات عند تفسيرها، ويحدّد المترَجّح من أقوال العلماء عند التعارض؛ لذلك كان من المناسب أن تُجمع تلك الضوابط لتسهل دراستها، ومن ثَم العمل بها عند الوقوف على تفسير الآيات.

وقبل الشروع في تلك الضوابط، أوضحُ مناهج العلماء في التفريق بين الضابط والقاعدة؛ ليتبيّن مسار البحث:

انقسم العلماء في ذلك إلى فريقين:


(١) هو عبد الرحمن بن علي بن محمد الإمام أبو الفرج ابن الجوزي القرشي البغدادي، الفقيه الحنبلي، الواعظ، صاحب التصانيف المشهورة في أنواع العلوم، ولد سنة ٥١١ هـ، ومن مصنفاته: "زاد المسير"، و"المغني"، و" الموضوعات"، توفي سنة ٥٩٧ هـ. يُنظر: طبقات المفسرين للسيوطي (ص: ٦١)، وطبقات المفسرين للداوودي (١/ ٢٧٥).
(٢) سورة يس: ٥٢.
(٣) يُنظر: زاد المسير (٢/ ٤٤٧)، الإتقان في علوم القرآن (١/ ٣١١).

<<  <   >  >>