للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد عبّر القرآن الكريم عن ذلك بلفظ {هَلُوعًا}، والهلوع في اللغة هو: الحريص الضجور البخيل الممسك الفخور، ثم جاء تفسير المقصود بلفظة الهلوع الواردة في الآية، فيما بعده من الآيات بقوله: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١)}، أي شديد الجزع، فلا يصبر على الفقر والشدة، وإذا أصابه الغنى والمال يمنع حق الله تعالى، إلا المصلين، فإنهم ليسوا هكذا (١).

مثال إيضاح معنى كلام سابق:

قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} (٢).

المبيَّن: {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}.

البيان المتَّصل: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)}.

المعنى الإجمالي للبيان المتصل:

في الآية تعليم من الله أن نسأله أن يرشدنا ويوفقنا لسلوك الصراط المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، وقد فسَّر الصراط المستقيم بقوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، والمنعَم عليهم، هم المذكورون في قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} (٣)، وهم أهل الهداية والاستقامة والطاعة لله ورسله، وامتثال أوامره وترك نواهيه وزواجره، {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، أي غير صراط المغضوب عليهم، وهم الذين فسدت إرادتهم، فعلموا الحق وعدلوا عنه، ولا صراط الضالين وهم الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى


(١) يُنظر: تفسير السمرقندي (٣/ ٤٩٦)، والوجيز، للواحدي (ص: ١١٣٣).
(٢) سورة الفاتحة: ٦ - ٧.
(٣) سورة النساء: ٦٩.

<<  <   >  >>