وهاك حكم الهمز في المرسوم ... وضبطه بالسائر المعلوم
أي: خذ حكم الهمز في المرسوم، أي: المكتوب في المصاحف وقوله: و: "ضبطه" بالنصب عطف على "حكم"، أي، وخذ ضبط الهمز أي، حصره بالوجه السائر، أي الشائع المعلوم عند علماء الفن، وهو ما ذكروه فيه من القواعد والضوابط الرسمية.
والهمز: لغة مصدر بمعنى الضغط والدفع، ويستعمل مصدرا أيضا بمعنى النطق بالهمزة فيقال: همزت الكلمة إذا نطقت فيها بهمزة سمى الحرف المعلوم همزا، وهمزة؛ لأنه يحتاج في إخراجه من أقصى الحلق إلى ضغط الصوت ودفعه لثقله، والنبر مرادف عند سيبويه، والجمهور خلافا للمبرد في قوله:"إنا ليست حرفا هي من قبيل الشك".
ولما كانت الهمزة ثقيلة توسعت العرب في تخفيفها، واستغنوا به عن إدغامها إلا ما شذ من نحو:"لسئال"، و"اقرأ آية". فلذا لم يرسموا لها صورة بل استعاروا لها شكل ما تئول في تخفيفها إليه تنبيها على توسعهم فيها.
وأما الصورة التي تجعل لها:"كعين". صغرى أو نقطة صفراء، أو حمراء فلم تكن في المصاحف العثمانية بل هي محدثة للإيضاح، والأصل في الهمز التحقيق ويقابله التخفيف، وهو لغة أهل الحجاز وأنواعه ثلاثة:
أحدها: التسهيل بين أي جعل الهمز حرفا مخرجه بين مخرج الحقيقة، ومخرج حرف المد المجانس لحركة أو حركة الحرف الذي قبلها، وهذا النوع هو الأصل في الهمزة المتحركة، المتحرك ما قبلها، والهمزة المسهلة بين محركة عن البصريين وساكنة عند الكوفيين، ولكل دليل محله غير هذا.
ثانيهما: الإبدال وهو الأصل في الهمزة الساكنة.
ثالثهما: الحذف ولم يأت إلا في المتحركة وينقسم إلى قسمين: