قال المؤلف رحمه الله بعد انتهائه من فن الرسم، هذا ما يسره الله تعالى من شرح النظم المتضمن لفن الرسم، وها أنا ذا أتبعه بحول الله، وقوته بشرح الذيل المتضمن لفن الضبط، فأقول مستعينًا بالله:
هذا تمام نظم رسم الخط ... وها أنا أتبعه بالضبط
كيما يكون جامعا مفيدا ... على الذي ألفيته معهودا
مستنبطا من زمن الخليل١ ... مشتهرا في أهل هذا الجيل
المشار إليه بـ"ذا" من قوله: "هذا تمام" هو البيت الأخير من نظم الرسم المسمى بـ"عمدة البيان" الذي ألفه قبل "مورد الظمآن"، وذيله بنظم الضبط المتصل اليوم بـ"مورد الظمآن"، وقوله:"تمام" بمعنى متمم بكسر الميم والمتمم بفتحها هو "عمدة البيان" الذي عبر عنه بقوله: "نظم رسم الخط"، فإن اعتبرت اتصال هذا الذيل اليوم بـ"مورد الظمآن" حتى صار كالجزء منه كان المشار إليه بذا هو البيت الأخير المتمم لمورد الظمآن الذي هو قوله: "صلى عليه ربنا" البيت، وكان المراد بقوله:"نظم رسم الخط" هو "مورد الظمآن". والمراد بالخط هنا المخطوط الذي هو المصاحف العثمانية، و"ها" من قوله و"ها أنا" حرف تنبيه و"أنا" ضمير المتكلم كنى به الناظم عن نفسه، وقوله "أتبعه" بظم الهمزة؛ لأنه من اتبع الرباعي، وقوله "بالضبط" على حذف مضاف أي بفن الضبط، وسيأتي تعريفه في المقدمة، ثم علل قوله "أتبعه بالضبط" بقوله "كيما يكون جامعا"، والضمير المستتر في "يكون" عائد على التأليف أي إنما أتبعت الرسم بالضبط لأجل أن يكون التأليف جامعا لفني الرسم، والضبط، مفيدا أي إفادة تامة، وقوله:"على الذي ألفيته" متعلق بـ"أتبعه".
١ الخليل، واسمه عبد الرحمن وشهرته الخليل بن أحمد الفراهيدي، كان إمام أئمة أهل اللغة، والأدب في عصره، أستاذ سيبويه في النحو، والقياس وقد أخذ العلم عن أبي عمرو بن العلاء، فقه اللغة للثعالبي ص١٧.