للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشير به إلى إتفاق شيوخ النقل بأن الهمزة إذا وقعت مضمومة بعد كسرة، فإنها تصور من جنس حركة ما قبلها أيضا وهو الياء، ولكن لا مطلقا بل في أحرف، أي كلمات معلومة، أي: محصورة.

وأما غير تلك الكلمات من بقية كلمات هذه الصورة، فقد صور من حركة نفسه كما يأتي في عموم البيت بعد، وسبب اختلاف كلمات هذه الصورة في الرسم اختلاف لغة العرب، وعلى اختلافها جاء اختلاف النحاة، فذهب الأخفش إلى أن الهمزة المضمومة بعد كسرة تسهل، أما بين نفسها وبين مجانس حركة ما قبلها، وأما بإبدالها ياء محضة.

وذهب سيبويه إلى أنها تسهل بينها وبين مجانس حركة نفسها، فجاء المصحف على وفق اللغتين، فصورت الهمزة فيه ياء في كلمات محصورة أشار إليها الناظم في البيت الثاني، وهي: "نبئهم"، و: "أنبئك". وبابه قوله: {سَنُقْرِئُك} ١، والمراد بباب: {فَنُنَبِّئُهُمْ} ٢ كل ما أتى من لفظه نحو: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ} ٣. {وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} ٤، وضابط تلك الكلمات كل ما فيه همزة مضمومة بعد كسرة، ولم تقع فيه بعد الهمزة واو جمع، وصور ما عدا تلك الكلمات المحصورة من جنس حركة نفسه، وذلك نحو: {مُسْتَهْزِئُونَ} ٥. و: {الْخَاطِئُونَ} ٦. و: {فَمَالِئُونَ} ٧. و: {مُتَّكِئُون} ٨ و: {أَنْبِئُونِي} ٩. و {لِيُطْفِئُوا} ١٠.

و: {لِيُوَاطِئُوا} ١١. و {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ} ١٢، وشبهه ما وقع فيه بعد الهمزة واو جمع، وإنما خصوا الجمع بتصوير همزته من جنس حركة نفسها، ولم يصوروها من جنس حركة ما قبلها كالمفرد؛ لأن الجمع ثقيل فأرادوا تخفيفه فعدلوا فيه إلى الواو ليجدوا إلى تخفيفه بحذفها سبيلًا، وهو تأديتها إلى اجتماع صورتين متماثلتين وهما الواو التي هي صورة الهمزة وواو الجمع، ولو رسموا الهمزة في الجمع ياء لم يجدوا إلى الحذف سبيلا إذ لا يجتمع حينئذ في الكلمة صورتان متماثلتان، والله أعلم.


١ سورة الأعلى: ٨٧/ ٦.
٢ سورة التوبة: ٩/ ٦٤.
٣ سورة آل عمران: ٣/ ١٥.
٤ سورة فاطر: ٣٥/ ١٤.
٥ سورة البقرة: ٢/ ١٤.
٦ سورة الحاقة: ٦٩/ ٣٧.
٧ سورة الصافات: ٣٧/ ٦٦.
٨ سورة يس: ٣٦/ ٥٦.
٩ سورة القرة: ٢/ ٣١.
١٠ سورة الصف: ٦١/ ٨.
١١ سورة التوبة: ٩/ ٣٧.
١٢ سورة يونس: ١٠/ ٥٣.

<<  <   >  >>