للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا إذا أبقيت عند الياء ... والواو غنة لدى الأداء

كانا كباقي الأحرف المعراة ... من غير فرق ولدا النحاة

ألفرق بين مدغم ومخفى ... هذا مشدد وهذ خفا

يعني أن محل تعرية الياء والواو من علامة التشديد، إذا أبقيت غنة التنوين عند اجتماعه معها في الأداء أي التلاوة بأن تقرأ بقراءة من يبقى الغنة عندهما، وهم غالب القراء فيكونان حينئذ عاريين من علامة التشديد، كباقي الحروف التي لا تشد وهي حروف الإظهار، والقلب والإخفاء المتقدمة، من غير فرق بين الجميع، وإما إذا لم تبق غنة التنوين عند الياء، والواو كما هو رواية "خلف" عن "حمزة"، فإنك تضع علامة التشديد فوقهما إشارة إلى أن الإدغام تام أي لم تبق معه ذات المدغم -وهو هنا التنوين- ولا صفته -وهي هنا الغنة- وإنما لم توضع علامة التشديد مع إبقاء الغنة؛ لأن الإدغام ناقص أي أدغمت معه الذات، وأبقيت الصفة -وهي هنا الغنة- فلو وضعت معه علامة التشديد لالتبس بالإدغام التام، وقد تبرع الناظم باشتراط إبقاء الغنة إذ كلامه في ضبط قراءة "نافع"، ولم يرو عنه الإدغام التام في الياء والواو، وما تقدم من وضع علامة التشديد في الإدغام التام، وعدم وضعها في الإدغام الناقص هو مذهب أهل الضبط، واقتصر عليه "الداني" في المحكم، وبه جرى العمل، وخالفهم النحاة في ذلك كما أشار إليه الناظم بقوله: "ولدا النحاة" إلخ، يعني أن النحاة يفرقون بين المدغم، والمخفي فيضعون علامة التشديد على المدغم فيه؛ لأنه مشدد في اللفظ، ولا يضعونها على المخفي عنده؛ لأنه مخفف في اللفظ، ولا يفرقون بين الإدغام التام، والإدغام الناقص بل يضعون علامة التشديد في كليهما، ويلزمهم التباس الناقص بالتام.

فإن قلت: يرد على أهل الضبط أن الياء، والواو إذا لم يشددا مع إبقاء غنة التنوين يتوهم أن الحكم عندهما الإخفاء، فالواجب أن هذا التوهم يدفعه شهرة عدد حروف الإخفاء إذ لم يعد فيها أحد الياء والواو، وهذا الوجه الثاني الذي نسبه الناظم للنحاة ذكره "الداني" في "المقنع" مع الوجه الأول، وكذا "أبو داود"، إلا أنهما لم يخصا الوجه الثاني بالنحاة كما فعل الناظم، واسم الإشارة من قوله: "هذا إذا أبقيت" يعود على الحكم

<<  <   >  >>