للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأحدها: لخفة بفتح اللام، وقد كانوا يكتبون في هاته الأشياء لقلة الورق "أي: الكاغد".

ثم قال:

وبعده جرده الإمام ... في مصحف ليقتدي الأنام

ولا يكون بعده اضطراب ... وكان فيما قد رأى صواب

فقصة اختلافهم شهيره ... كقصة اليمامة العسيره

أخبر أن الإمام يعني سيدنا عثمان بن عفان١ -رضي الله عنه- جرد أصل الرسم في مصحف، أي: نسخه من الصحف، وجمعه جمعا ثانيا في مصحف بعد جمع أبي بكر المتقدم، ليقتدى به الأنام، أي: الخلق، ولا يكون بعد ذلك التجريد اضطراب، أي: اختلاف بينهم، وأنه أصاب -رضي الله عنه- فيما قد رآه من ذلك.

قال ابن حجر: الفرق بين الصحف والمصحف، أن الصحف الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد أبي بكر، وكان صورا مفرقة، كل سورة مرتبة بآياتها على حدة لكن لم يرتب بعضها إثر بعض، فلما نسخت ورتب بعضها إثر بعض صارت مصحفًا "انتهى".

والمصحف مثلث الميم اسم أعجمي معناه جامع الصحف، وأشار الناظم بالبيتين الأولين، والشطر الأول من البيت الثالث إلى ما ذكره الحافظ الداني في المقنع بسنده إلى ابن شهاب الزهري، قال: أخبرني أنس بن مالك، أن حذيفة بن اليمان قد على عثمان، وكانوا يقاتلون على مرج أرمينية، فقال: حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين إني قد سمعت الناس اختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنصاري، حتى أن الرجل ليقوم فيقول: هذه قراءة فلان، قال: فأرسل عثمان إلى حفصة: أرسلي إلينا بالصحف، فننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، قال: فأرسلت إليه بالصحف، قال: فأرسل عثمان إلى زيد بن


١ أمير المؤمنين عثمان بن عفان، أبو عمرو الأموي، ذو النورين ومن جمع الأمة على مصحف واحد هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وروى جملة كثيرة من العلم، وكان من الصادقين المنفقين في سبيل الله، استشهد يوم الجمعة ١٨ ذي الحجة سنة ٣٥هـ، وكانت خلافته ١٢ سنة، وترجمته: في أسد الغابة: ٣/ ٥٨٤، والإصابة: ٢/ ٤٥٥، وتاريخ الخلفاء: ١٤٧، وتذكرة الحفاظ: ١/ ٨، وشذرات الذهب: ١/ ٤٠، وطبقات ابن سعد: ٣/ ٣٦، وطبقات القراء: ١/ ٥٠٧، ومروج الذهب: ٢/ ٣٤٠، والنجوم الزاهرة: ١/ ٩٢.

<<  <   >  >>