ذكر في هذين البيتين أن مصطلحه أيضًا أن كل حكم في أي باب من الأبواب نسبه لواحد من الشيخين المتقدمين، وسكت عن غيره، وهو الشيخ الآخر، بحيث لم يذكر له فيه شيئا، فإن ذلك الغير سكت عن حكم ذلك اللفظ الذي تعرض الآخر لحكمه، وإن أتى ذلك الغير بعكس ذلك الحكم يعني بما يخالف ذلك الحكم بوجه ما، فإنه يذكره على الوجه الذي من نصه إلى من لفظه، سواء كان مقابلا للحكم الأول أم لا، مثال القسم الأول قوله: والحذف في المقنع في ضَعَفا، و"عن أبي داود جا أضعافا"، ومثال القسم الثاني: مقابلا حذف "نحسات" لأبي عمرو لدخوله في ضابط الجمع، وثبته لأبي داود ومثاله غير مقابل قوله:
ومقنع قرآنا أولى يوسف ... وزخرف وسليمان احذف
وما شرحنا به قوله:"وكل ما لواحد نسبت" من أن المراد لواحد من الشيخين المتقدمين، هو الذي يدل عليه استقراء النظم خلافا لمن حمله على أن المراد لواحد من الأئمة المتقدمين، أما الثلاثة أو الأربعة بزيادة البلنسي.
ثم قال:
لأجل ما خص من البيان ... سميته بمورد الظمآن
ملتمسا في كل ما أروم ... عون الإله فهو الكريم
أخبر أنه سمى رجزه هذا بمورد الظمآن، لجل ما خص به من البيان، والإيضاح والمورد بكسر الراء اسم مكان من مورد الماء وغيره وصل إليه، ويطلق ويراد به نفس الماء الذي شأنه أن يورد، وهذا المعنى هو الذي اعتبره الناظم في التسمية، والظمآن: العطشان، ووجه مطابقة الاسم للمسمى، أن الطالب في تلهفه، واشتياقه للمسائل شبيه