عليه وسلم يقول:"لا تطروني، كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله، ورسوله"، والإطراء هو الغلو، وإذا كان هذا في حقه صلى الله عليه وسلم وهو أفضل البشر، فغيره ممن هو دونه في الفضل أولى أن ينهى عن الغلو فيه.
وثبت أن الغلو في الصالحين كان هو أول وأعظم سبب أوقع بني آدم في الشرك الأكبر، فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه أخبر عن أصنام قوم نوح أنها صارت في العرب، ثم قال:"أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك، ونُسخ العلم، عُبدت".
ولذلك ينبغي للمسلم أن يحذر من التساهل في هذا الباب؛ لئلا يؤدي به أو يؤدي بمن يراه أو يقلده أو يأتي بعده إلى الوقوع في الشرك الأكبر.
ومن أنواع الغلو المحرم في حق الصالحين والذي يوصل إلى الشرك:
أولًا: المبالغة في مدحهم، كما يفعل كثير من الرافضة، وقلدهم في ذلك كثير من الصوفية، وقد أدت هذه المبالغة بكثير منهم في آخر الأمر إلى الوقوع في الشرك الأكبر في الربوبية، وذلك باعتقاد أن بعض الأولياء يتصرفون في الكون، وأنهم يسمعون كلام من دعاهم ولو من بعد، وأنهم يجيبون دعاءه، وأنهم ينفعون ويضرون، وأنهم يعلمون الغيب، أنه ليس لديهم دليل واحد يتمسكون به في هذا الغلو، سوى أحاديث مكذوبة أو واهية ومنامات، وما يزعمونه من الكشف إما كذبًا، وإما من أثر تلاعب الشيطان بهم، وقد أدى بهم