وقد اتفق أهل العلم على أن السلف الصالح من أهل القرون الثلاثة المفضلة، وفي مقدمتهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلوا هذا الاحتفال، ولذلك لم ينقل فعله ولا القول بمشروعيته عن أحد من أهل القرون الثلاثة المفضلة، مع شدة محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وحرصهم على الخير.
وهذا إجماع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجميع سلف هذه الأمة على عدم مشروعيته، وعلى عدم مشروعية جميع الاحتفالات المحدثة.
[خاتمة فصل البدعة]
مما ينبغي أن يُعلم أنه يحرم على المسلم غير المتضلع في العلم مجالسة المبتدع الذي يتكلم عن بدعته ويحسنها، كما يحرم عليه سماع كلامه في مجلس أو محاضرة أو ضمن وسيلة إعلام، كما يحرم عليه مناظرته؛ لئلا يقع في قلبه شيء من ضلالاته أو الشبه التي يثيرها؛ لأن المبتدع يحتج بالمتشابه ويؤوله إلى ما تهواه نفسه، كما قال تعالى:{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}[سورة آل عمران: ٧]. وروى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا على عائشة - رضي الله عنها - الآية السابقة، ثم قال:"إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه فأولئك الذين سَمَّى الله فاحذروهم".
فالمبتدع يترك الآيات الصريحة المحكمة، والأحاديث الصحيحة الواضحة، ويخالفها ويعارضها بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، أو بالنصوص المتشابهة، فيستدل بآية أو بحديث أو أثر صحيح فيفسره بغير تفسيره، ويؤوله إلى ما يوافق هواه، ويرد غيره من النصوص التي لم توافق عقله وهواه" والله أعلم.