للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبين أحد من خلقه بـ "الواو".

العطف بالواو يقتضي مطلق الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه، ولذلك فإنه يحرم العطف بها بين الله وبين أحد من خلقه في أي أمر من الأمور التي يكون للمخلوق فيها دخل في وقوعها كأن يقال: "ما شاء الله وشئت"، أو يقال: "هذا من بركات الله وبركاتك"، أو يقال: "ما لي إلا الله وأنت"، أو يقال: "أرجو الله وأرجوك"، ونحو ذلك، فمن تلفظ بأحد هذه الألفاظ أو ما يشبهها فقد وقع في الشرك، والدليل: قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)} [البقرة: ٢٢]، وما رواه الطفيل بن سخبرة - أخي عائشة لأمها - قال: قال رجل من المشركين لرجل من المسلمين: نعم القوم أنتم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله، وشاء محمد. فسمع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن، قولوا: ما شاء الله، ثم شاء محمد"، وما رواه ابن عباس: أن رجلا، أتى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه في بعض الأمر، فقال: ما شاء الله وشئت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أجعلتني لله عدلا؟ قل: ما شاء الله وحده"، والعدل هو الند والمماثل والمشارك، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا العطف بالواو نوعًا من الشرك، وعليه: فإن كان هذا القائل يعتقد أن ما نسبه إلى المخلوق الذي عطفه على اسم الله تعالى بـ "الواو "ليس على سبيل الاستقلال، ولكن نسبه إلى هذا المخلوق لأنه هو المباشر لهذا الأمر لا غير، مع اعتقاده أن الله هو الخالق المقدِّر، فهو شرك أصغر، من أجل هذا اللفظ الذي فيه تشريك. وإن كان يعتقد أن هذا المخلوق مشارك لله تعالى على سبيل الاستقلال، وأن تصرفه في ذلك بدون مشيئة الله تعالى فهو شرك أكبر.

<<  <   >  >>