للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأموية والعباسية، وحصل بسب خروجهم حروب قتل فيها من قتل من المسلمين، وأشغلوا بها الخلافتين الأموية والعباسية عن حرب الكفار وعن فتح بلادهم.

ومن فرق الخوارج من يرى أن الإمام إذا وقع في كبيرة يكفر، وأن أفراد رعيته إذا لم ينكروا عليه ولم يخرجوا عليه يكفرون كذلك، ولذلك كفّروا عامة المسلمين في كثير من العصور، وقتلوا منهم من استطاعوا قتله، حتى أنهم قتلوا النساء والأطفال.

والمُرجئة غلَّبوا نصوص الرجاء على نصوص الوعيد، فقالوا: إن الإيمان هو التصديق القلبي، وأن الأعمال ليست من الإيمان، فلا يضر مع الإيمان معصية، فالعاصي كالزاني وشارب الخمر لا يستحق دخول النار (١)، وإيمانه


= ورأى نفسه أورع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا وهو يقر أنه رسول الله إليه وبه اهتدى وبه عرف الدين ولولاه لكان حمارًا أو أضل "انتهى كلامه رحمه الله مختصرًا مع تعديل يسير لسوء طباعة الأصل المنقول منه.
فهذه حال أصحاب الجهل المركب، وهم الجهال الذين يرون أنفسهم في كل مسائل العلم أو بعضها من العلماء المجتهدين - ولهذا تجد من سار على طريقة هؤلاء في هذه العصور في بعض مسائل الردة، كتكفير المعين يزدري العلماء ويسفّه آراءهم، ويقول للعلماء: سيروا على طريقتي وخذوا بما أقول وما أعتقد في هذه المسائل وإلا فأنتم ضالون، مع أنك تراه في جل أبواب الفقه كأبواب العبادات والبيوع والنكاح وغيرها يسأل أهل العلم، ويعدّ نفسه فيها من المقلدين، وهو بلا شك كذلك في جميع مسائل العلم، فضلًا عن الحكم على المعيَّن بالكفر، الذي يحتاج إلى اجتهاد من وجهين، كما سيأتي في خاتمة فصل الكفر الأكبر - إن شاء الله تعالى -.
(١) وقريب من هذه العقيدة: ما يقوله كثير من العصاة المنتسبين إلى الإسلام ويعتقده، فتجد أحدهم يستكثر من المعاصي، فيترك كثيرًا من الواجبات ويفعل كثيرًا من المعاصي، ثم يتعلق ويحتج بأحاديث الوعد، كحديث حذيفة مرفوعا: "من قال: لا إله إلا الله ختم له بها دخل الجنة" رواه أحمد (٢٣٣٢٤)، وهو حديث ضعيف، لانقطاعه، والرواية المتصلة منكرة، فيجاب عن قول =

<<  <   >  >>