للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الخروج من اختلاف العلماء، فإنما يُفعَل احتياطًا إذا لم تُعرف السنّة ولم يتبيَّن الحق، لأنَّ من اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه. فإذا زالت الشبهة وتبيَّنت السنّة، فلا معنى لطلب (١) الخروج من الخلاف.

ولهذا كان الإيتار بثلاث مفصولة أولى من الموصولة، مع الخلاف في جوازهما، من غير عكس. والعقيقةُ مستحبة أو واجبة، مع الخلاف في كراهتها. وإشعارُ الهديِّ سنة، مع الخلاف في كراهته، والإجماع على جواز تركه. وفسخ الحج إلى العمرة لمن يريد التمتع أولى من البقاء عليه (٢) اتباعًا لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، [١٥٠/أ] مع الخلاف الشائع في جواز ذلك. وإعطاءُ صدقة الفطر لمسكين واحد أفضلُ، مع الخلاف في جوازه. وتركُ القراءة للمأموم في صلاة [الجهر] (٣) أفضل، بل قراءتها (٤) له مكروهة على المشهور، مع الخلاف في الإجزاء. وتفرقةُ (٥) صدقته بنفسه أفضل مع الخلاف في جوازه في الأموال (٦) الظاهرة. وأمثال ذلك كثيرة.

وأما الأحاديث المأثورة فهي ضعيفة، على ما هو مبيَّن في موضعه. والعملُ بالضِّعاف إنما يُشرع في عمل قد عُلِم أنه [مشروع] (٧) في الجملة،


(١) في الأصل: «للطلب»، وفي المطبوع: «لمطلب».
(٢) في الأصل: «عليها»، والتصحيح من المطبوع.
(٣) ما بين الحاصرتين من المطبوع.
(٤) يعني قراءة سورة الفاتحة.
(٥) في المطبوع: «(وتفريق) قيمة»، وقال في الحاشية: «في الأصل: تفرقيمة». وهو كما قال، وهو تحريف ما أثبتنا.
(٦) في المطبوع: «الأحوال»، ولعله خطأ مطبعي.
(٧) ما بين الحاصرتين من «الآداب الشرعية» (٢/ ٢٩٠). حيث نقل هذه العبارة.