للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا رُغِّب فيه في بعض أنواعه لحديث ضعيف عُمِلَ به. أمَّا إثباتُ سنّة، فلا.

ثم إن صحَّت هذه الأحاديث فإنما تفيد الجواز فقط، إذ أقصى ما في الباب أنَّ كلتا الصورتين (١) قد صحَّت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما كان أقرب إلى القصد فهو أفضل في هذا الباب، كما تقدَّم. ولعله - صلى الله عليه وسلم - إنما قصد بذلك نفيَ شرع الزيادة على المرفق، فإنَّ اليد لمَّا كانت مطلقة، وقد توهم أنَّ مسحها إلى الإبط مشروع، بيَّن أن أقصى ما يمسَح منها إلى المرفق، وأنَّ محلَّ التيمم لا يزيد على الوضوء.

ولعل ذلك كان في أول ما شُرع التيمُّم، ففي حديث عمار بن ياسر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل بأولات الجيش (٢)، ومعه عائشة زوجه، فانقطع عقدٌ لها من جَزْعِ ظَفار، فحبس الناسَ ابتغاءُ عِقدها ذلك حتى أضاء الفجر، وليس مع الناس ماء، فأنزل الله تعالى على رسوله رخصةَ التطهير [١٥٠/ب] بالصعيد الطيِّب. فقام المسلمون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فضربوا بأيديهم الأرضَ، ثم رفعوا أيديهم، ولم ينفُضوا من التراب شيئًا، فمسحوا وجوههم وأيديهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم إلى الآباط. رواه أحمد وأبو داود والنسائي (٣).


(١) في الأصل والمطبوع: «كلا الصورتين» وانظر ما علَّقنا من قبل في أول باب المسح على الخفين.
(٢) وادٍ بين ذي الحليفة وتُربان. ويسمَّى «ذات الجيش» أيضًا. انظر: «المغانم المطابة» (ص ٩٧).
(٣) أحمد (١٨٣٢٢)، وأبو داود (٣٢٠)، والنسائي (٣١٤)، من طرق عن صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن عمار به.
في إسناده مقال، ذِكْر ابن عباس في هذه الرواية خطأ، خالف فيه صالح من هو أحفظ منه: مالك وابن عيينة، كما قال أبو حاتم وأبو زرعة في «العلل» (١/ ٤٨٩)، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود: الكتاب الأم» (٢/ ١٢٨).