للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأنَّ الكفّارة إذا وجبت بالوطء مع قلّة الداعي إليه في الصوم فأَنْ (١) تجب بالأكل أولى وأحرى، ولأن الكفّارة إنما تجب زاجرةً عن المعاودة وماحيةً للسيئة وجابرةً لما دخل من النقص على العبادة، وهذا يستوي فيه الأكل والوطء، ولأن الأكل مما تدعو إليه الطباع وتشتهيه النفوس كالجماع، وما كان من المحرَّمات تشتهيه الطِّباع كالزنى وشرب الخمر؛ فلا بدّ له (٢) من زاجر شرعيّ، والزواجر إما حدود وإما كفارات، فلما لم يكن في الأكل حدّ، فلا بدّ فيه من كفّارة.

فعلى هذه الرواية تجب بكلّ فطر تعمّده (٣) سواء كان مما يُشتهى أو لا يُشتهى؛ لأن الحجامة لا تُشتهى، وقد أوجب بها الكفّارة؛ لأن تعمّد إفساد الصوم لا يقع غالبًا إلا عما للنفس فيه غَرَض، فألحَقَ النادرَ بالغالب، كما يجب الحدُّ بوطء العجوز الشوهاء.

والأول هو الصحيح؛ لأن لفظ الحديث: أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إن الآخر وقع على امرأته في نهار رمضان». وفي رواية قال: «أصبت أهلي في رمضان»، كما سنذكره.

فأمره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالكفّارة عقيب ذلك، فهذا مفسَّر في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما


(١) في المطبوع: «فلأن».
(٢) سقطت من المطبوع.
(٣) النسختين: «اعتمده»، وفي هامش ق تعليق لم يظهر في مصورتي. والصواب ما أثبت.