للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو كُره له الصوم لعادت الرخصةُ مشقّةً.

والصحيح: أنه إن شقّ عليه الصوم، بأن يكون ماشيًا، أو لا يجد عشاءً يقوِّيه، أو بين يديه عدوّ يخاف الضعفَ عنه بالصوم، أو يصير كَلًّا على رفقائه (١)، أو يسوءُ خلقُه ونحو ذلك= كُره له الصوم، وكذلك إن صام تعمّقًا وغلوًّا بحيث يعتقد أن الفطر نقصٌ في الدين ونحو ذلك. وعلى هذا يحمل ما رُوي عن عمر وابن عباس وأبي هريرة (٢) من أمر الصائم بالإعادة على سبيل الاستحباب عقوبةً له، وكذلك حديث ابن عمر (٣) وغيره.

وأما مَن صام وهو مُرَفَّه مِن غير تغيّر في حاله، فلا بأس بصومه؛ وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أمرهم بالفطر وسماهم عُصاةً حين شقّ عليهم الصومُ مشقّةً شديدةً ولم يفطروا.

وعن أبي سعيد قال: «أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نهر مِن ماء السماء، والناس صيام في يوم صائف مشاةً، ونبي الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلة له، فقال: «اشربوا أيها الناس» قال: فأبوا، فقال: «إني لستُ مثلَكم، إني أيسركم، إني راكب»، فأبوا، فثنَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فخذه، فنزل وشرب وشرب الناسُ، وما كان يريد أن يشرب» رواه أحمد (٤).

فقد فرّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الراكب والماشي.


(١) س: «أرفقائه».
(٢) تقدم تخريج هذه الآثار.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.