ولأن الطهارة الكبرى يجب فيها غسلُ ما يمكن غسله من غير ضرر، وإن كان مستورًا بأصل الخلقة، كباطن شعر الرأس واللحية؛ فما هو مستور بغير الخلقة أولى، بخلاف الوضوء فإنه يسقط فيه غسلُ ما استتر بنفس الخلقة، فجاز أن يشبَّه به الخفّ في بعض الأوقات. وهذا لأن الوضوء يتكرر بخلاف الغسل، ولأن الغسل يشبه بإزالة النجاسة من حيث لا يتعدَّى حكمُه محلَّه، بخلاف الوضوء. ولأن تحت كلِّ شعرة جنابة، فيحتاج إلى بلِّ الشعر وإنقاء البشر.
الرابع
أن المقيم يمسح يومًا وليلةً، والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن. فإذا مضت المدّة بطل حكم الطهارة، ويحتاج إلى لبس ثان على طهارة غسل، إن أحبَّ المسح ثانيًا، وهلمّ جرًّا؛ سواء كان في دار الحرب أو دار الإسلام، وسواء في ذلك حال شدّة البرد وغيره. نصَّ عليه، لما تقدَّم من [٧٤/ب] حديث صفوان.
وعن شريح بن هانئ قال: سألت عائشة - رضي الله عنها - عن المسح على الخفين فقالت: سَلْ عليًّا فإنه أعلم بهذا الأمر منّي، كان يسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فسألته، فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة" رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه (١).
وعن خزيمة بن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن المسح على الخفين فقال:"للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة" رواه أحمد
(١) أحمد (٧٤٨)، ومسلم (٢٧٦)، والنسائي (١٢٨)، وابن ماجه (٥٥٢).