للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإحرام، وترك واجبات الحج. فإن فعلَ المحظورَ ناسيًا أو جاهلًا بتحريمه أو مخطئًا، وأوجبنا عليه الكفارة، فهو كمن فعل لغير عذر؛ لأنه لم يأذن له الشرع في إتيانه، وخطاؤه يصلح أن يكون مانعًا من الإثم، أما مخفِّفًا للكفارة فلا. وهذا بخلاف المعذور، فإن الحلق صار في حقه مباحًا جائزًا، ولم يصِرْ في الحقيقة من محظورات الإحرام إلا بمعنى أن جنسه محظور، كالأكل في رمضان للمسافر والمريض. ولهذا نوجب على من جامع ناسيًا الكفارةَ، ولا نُوجبها على من أبيح له الفطر.

فصل

إذا أراد الحلق أو اللبس أو الطيبَ لعذرٍ جاز له إخراج الفدية بعد وجود السبب المبيح وقبل فعل المحظور، كما يجوز تحليل اليمين بعد عقدها وقبل الحنث، سواء كانت (١) صياما أو صدقة أو نسكًا.

فصل

يجوز إخراج الفدية حيث وجبت من حلٍّ أو حرم، وكذا حيث جازت؛ لأن الله سبحانه سمى الدم الواجب هنا نسكًا، والنسك لا يختص بموضع، فإن الضحايا لما سميت نسائك جاز أن تُذبَح في كل موضع، سواء كانت واجبة أو مستحبة، كما قال: {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} [الأنعام: ١٦٢]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بردة: «هي خير نَسِيكَتَيك» (٢)، بخلاف دم المتعة وجزاء الصيد فإنه


(١) ق: «كان». والضمير يرجع إلى الفدية.
(٢) أخرجه مسلم (١٩٦١/ ٥) من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنهما - في قصة تعجيل خاله ذبح نسيكته قبل الصلاة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أعِدْ نُسُكًا»، فقال: يا رسول الله، إن عندي عناق لبن هي خير من شاتَي لحم، فقال: «هي خير نسيكتيك، ولا تَجزي جذعةٌ عن أحد بعدك».