للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا بثمن كثير).

في هذا الكلام فصول:

أحدها: أن التيمم إنما يجوز إذا لم يمكن استعمالُ الماء، إمَّا لعدمه حقيقةً أو حُكمًا، وإمّا لضررٍ (١) باستعماله. والأصل في ذلك قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ ... فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: ٦] فذكر المريض والمسافر العادم، فهما أغلب الأعذار، وأُلحِقَ المسافرَ المحبوسُ في [١٥٢/ب] مصر ونحوه ممَّن عدِم الماء. والمريضُ مثلُ المجدور والمجروح ممن يتضرَّر باستعمال الماء، وفي معناه من يخاف البرد. وأما من يقدر على استعمال الماء، لكن لا يقدر على تحصيله إلا بضرر في نفسه أو ماله، كمن بينه وبين الماء سبُع أو حريق أو فُسَّاق= فقد أُلحِق بالمريض، لأنه واجدٌ للماء وإنما يخاف الضرر. وربما أُلحِق بالعادم، لأنه لا يخاف الضرر بنفس الاستعمال، وإنما يخاف التضرر في تحصيله فصار كالعادم عن تحصيله لا عن استعماله، وهذا أحسن.

فأما من لا ضرر عليه في استعماله، وهو واجدٌ له، فلا يجوز له التيمم، سواء خشي فوتَ الوقت للصلاة أو لم يخشه، إذا كان في الحضر لأنه واجد للماء، ولأنَّ (٢) الوقت الذي يجب فيه أداء الصلاة هو الوقت الذي يمكن فيه فعلُها بشروطها، إلا الجنازة في إحدى الروايتين، لأن ابن عمر فعل ذلك (٣)،


(١) في الأصل: «الضرر»، وقد يكون مصحفًا عن «للتضرُّر».
(٢) في المطبوع: «ولأنه».
(٣) أخرجه الدارقطني (١/ ٢٠٢)، من طريق محمد بن عمرو بن أبي مذعور، عن ابن نمير، عن إسماعيل بن مسلم، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر به.
قال البيهقي في «معرفة السنن» (١/ ٣٠٣): «حديث ابن أبي مذعور يشبه أن يكون خطأ»، وضعفه في «السنن الكبرى» (١/ ٢٣١).