للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن ابن عمر قال: مكثنا ليلةً ننتظر رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لصلاة العشاء الآخرة، فخرج إلينا حين ذهب ثلثُ الليل أو بعده، فقال حين خرج: «إنكم لتنتظرون صلاةً ما ينتظرها أهلُ دين غيركم. ولولا أن تثقل على أمتي لَصلَّيتُ بهم هذه الساعة» ثم أمر المؤذِّنَ، فأقام الصلاة، وصلَّى. رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (١).

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لولا أن أشُقَّ على أمتي لأمرتُهم أن يؤخِّروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن صحيح (٢).

ولأن في تأخيرها فوائد، علِمنا منها: أن تصلَّى في جوف الليل وتقرَّب (٣) من آخره. وهو الوقت الذي ينزل الله فيه إلى سماء الدنيا، فيقول: من يدعوني فأستجيبَ له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟

وقد روى عبد الله بن مسعود قال: أخَّر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ العشاء، ثم خرج إلى المسجد، فإذا الناس ينتظرون الصلاة، فقال: «أمَا، إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكُر الله هذه الساعة غيركم» [ص ٤٩] فأنزلت هذه الآيات: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} حتى بلغ {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} [آل عمران: ١١٣ - ١١٥] رواه أحمد والترمذي (٤).


(١) أحمد (٥٦١٣)، ومسلم (١٠١٠)، وأبو داود (٤٢٠)، والنسائي (٥٣٧).
(٢) أحمد (٧٣٤٢)، وابن ماجه (٦٩٠)، والترمذي (١٦٧)، والنسائي (٥٣٤).
(٣) في الأصل والمطبوع: «ويقرب».
(٤) أحمد (٣٧٦٠)، والنسائي في «الكبرى» (٦/ ٣١٣)، ولم أجده عند الترمذي، واقتصر المزي في «التحفة» (٧/ ٢٥) على النسائي.
وصححه ابن حبان (١٥٣٠)، وقال الهيثمي في «المجمع» (١/ ٣١٢): «رجال أحمد ثقات، ليس فيهم غير عاصم بن أبي النجود، وهو مختلف في الاحتجاج به».