للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كان به حاجة إلى النكاح، فقال أحمد في رواية أحمد بن سعيد: إذا كان مع الرجل مال فإن تزوج به لم يبقَ معه فضل، وإن حج خشي على نفسه، فإنه إذا لم يكن له صبرٌ عن التزويج تزوَّج، وترك الحج.

وكذلك نقل أبو داود (١) وغيره، وعلى هذا عامة أصحابنا (٢): أنه إن خشي العَنَتَ قدَّم النكاح؛ لأنه واجب عليه، ولا غنى به عنه، فهو كالنفقة.

وحكى ابن أبي موسى (٣) عن بعض أصحابنا: أنه يبدأ بالحج. وقد قال أحمد في رواية جعفر بن محمد في رجل عنده أربعمائة درهم، ويخاف على نفسه العنت، ولم يحج، و (٤) أبواه يأمرانه بالتزويج، قال: يحج ولا يطيعهما في ذلك. هكذا ذكرها أبو بكر (٥) في «زاد المسافر»، ثم فصَّل كما تقدم [ق ١٤٨] عن أحمد.

ووجه ذلك: أنه يتعيَّن عليه بوجود السبيل إليه، والعنت المخوف مشكوك فيه، وهو نادر، والغالب على الطباع خلاف ذلك، فلا يُفرِّط فيما تيقَّن وجوبه بما يشك فيه. وأما إن لم يخش العنتَ قدَّم الحج.

وإن قلنا: إن النكاح واجب، فإن كانت له سُرِّية لم يجب عليه بيعها واستبدالُ ما هو دونها. ولا يجب عليه أن يطلِّق امرأته ليستفضل نفقتها.


(١) في «مسائله» (ص ١٥٠). وانظر «مسائل الإمام أحمد» رواية ابن هانئ (١/ ١٤٣).
(٢) انظر «المغني» (٥/ ١٢) و «الإنصاف» (٨/ ٤٨).
(٣) في «الإرشاد» (ص ١٨٠).
(٤) الواو ساقطة من ق.
(٥) غلام الخلّال (ت ٣٦٣). ترجمته في «طبقات الحنابلة» (٢/ ١١٩ - ١٢٧)، ولم يصل إلينا كتابه «زاد المسافر».