للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في تيسير ذلك، وتفاقُم الفساد من هدم بعض الاجتهادات ببعض.

وهذان القولان هما اللذان يقولهما أصحابنا، وإن كان الأول قد حُكي في المذهب أيضًا. وهذا الواقع في أحكام الشريعة لا يلزم مثله في مسألة تقع (١) في الدهور مرَّةً، ولا يُلزِم العفوُ فيما تعُمُّ به البلوى العفوَ عما لا تعُمُّ به البلوى.

فإن اتفقا على الجهة واختلفا في العين، فقال أحدهما: ننحرف (٢) يمينًا، وقال الآخر: ننحرف شمالًا؛ فقال القاضي في «الجامع»: إن قلنا: المطلوب العين، لم يجُز له أن يتبعه. وإن قلنا: المطلوب الجهة ــ وهو الصحيح من قوله ــ جاز له أن يتبعه. وقال في «المجرد» وغيره: من أصحابنا من يجوِّز الائتمامَ هنا مطلقًا. وهذا أصح، لأنَّا إن قلنا: المطلوب العين، فإنَّ الانحراف اليسير مع الخطأ معفوٌّ عنه بكلِّ حال بالإجماع، والصلاة إلى قبلة واحدة في مثل هذه الحال.

فصل

إذا صلَّى بالاجتهاد، ثم تبيَّن له في أثناء الصلاة أنَّ جهة القبلة خلاف ذلك عن يقينٍ، استقبلَ القبلةَ، ويبني على صلاته كأهل قباء؛ لأنَّ أولى صلاته كانت صحيحه ظاهرًا وباطنًا، فهو كالعاري إذا وجد السترة في أثناء صلاته.

وإن تبيَّن له ذلك باجتهاد انحرف إلى الجهة التي تبيَّن له أنها القبلة.


(١) في الأصل والمطبوع: «في قبله يقع»، ولعله تحريف ما أثبت.
(٢) حرف المضارعة مهمل في الأصل هنا وفيما بعد. وفي المطبوع: «تنحرف».