للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأمَّا عُلْوُ الطريق مثل السوابيط (١) والأجنحة، سواء كانت مساجد أو مساكن، فالمشهور عنه: أنه لا يصلَّى على المساجد المحدَثة على الطرقات والأنهار التي تجري فيها السفن. وقال في رواية عبد الله وجعفر بن محمد: أكره الصلاة على نهر وعلى ساباط (٢). وقد ذكر أحمد ذلك عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، وعلَّل ذلك في غير موضع بأنه لا يجوز إحداثه، وأنه في حكم الغصب. وكذلك علَّله القاضي وكثير من أصحابه وغيرهم. ولهذا خصُّوا هذا بالساباط المحدث. قالوا: فإن كان الطريق محدثًا بعد ما بنى المسجد، مثل أن بنى على ملكه مسجدًا، فأُحدِث تحته بعد ذلك طريق يمرُّ الناس فيه، فلا كراهة فيه؛ لأنَّ أحمد إنما كره الصلاة على اتخاذه. هذا لفظ القاضي. قال: وقد تتوجَّه الكراهة أيضًا. وهذا الوجه هو مقتضى ما ذكره الآمدي وابن عقيل، فإنهما عمَّما المنعَ، وعلَّلا ذلك بأن الهواء تابع للقرار بدليل أن سطح المسجد يتبعه في أحكامه. وكذلك سطح الدار، فعلى هذا كلُّ طريق لا يصلَّى فيه [ص ١٧١] لا يصلَّى في سقفه. وأما حكاية هذا عن القاضي فلا يصحّ.

والأول هو المذهب المنصوص، لأنَّ السَّاباط والجناح المبنيَّ على الطريق ليس داخلًا في اسم الطريق. وإنما الذي يتبع الطريق الهواء الذي بُني فيه، بخلاف سائر السقوف فإنها قد تتبع ما تحتها في الاسم، كما تقدَّم. وإذا


(١) في المطبوع: «السوابط»، والمثبت من الأصل، وهو جمع «ساباط»، وقد تقدَّم تفسيره.
(٢) انظر: «مسائل عبد الله» (ص ٦٦).