للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- رحمه الله - (١): إن كان المسجد سابقًا، وجُعِل تحته (٢) طريقٌ أو عطَنٌ أو غيرُهما من مواضع النهي، أو كان في غير مقبرة، فحدثت المقبرة حوله= لم يمنع بغير خلاف، لأنه لم يتبع ما حدث بعده. وهذا يقتضي أنه جعل من صور الخلاف ما إذا أُحدِث المسجدُ على عطَن ونحوه من أمكنة النهي.

والذي صرَّح به الأصحاب هو ما ذكرناه، وهو منصوص أحمد. والفقه فيه ظاهر، فإنَّ العُلْو إذا اتُّخِذ لشيء آخر غير ما اتُّخِذ السُّفل له لم يكن أحدهما بأن يُجعل تابعًا للآخر بأولى من العكس. وإنما يُجعل تابعًا له عند الإطلاق. ألا ترى أنه لو قال: بعتُك هذا الحُشَّ وفوقه مسكن أو مسجد لم يدخل في مطلق البيع، بخلاف ما لو كان ظهره خاليًا. ولأنَّ الهواء إنما يتبع القرارَ في العقود عند الإطلاق، فإذا قُيِّد العقدُ بأن قيل: بعتُك التحتاني فقط، لم يدخل. واتخاذُ العلو لأمرٍ آخرَ غيرِ ما اتَّخذ له السفل بمنزلة إخراجه عن كونه تابعًا له في القول، وتقييدٌ له بصيغة توجب الانفراد. ولو حلف: لا يدخل حُشًّا أو عطَنَ إبل أو مزبلةً أو حمَّامًا، فدخل مسجدًا مبنيًّا على ظهور هذه الأشياء لم يجُز أن يقال: إنه يحنث في يمينه.

فصل

وأمَّا عُلْوُ المقبرة، فإن كان قد بني على المقابر بناءً منهيًّا (٣) عنه كالمسجد، أو بناءً في المقبرة المسبَّلة، كانت الصلاةُ عليه صلاةً في موضع


(١) في «المغني» (٢/ ٤٧٥).
(٢) في المطبوع: «تحت»، خطأ.
(٣) في المطبوع: «منهي»، والصواب ما أثبت من الأصل.