للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدم رزقًا للولد. وعن علي - رضي الله عنه - أنه قال: إنَّ الله رفع الحيضَ عن الحُبلى، وجعل الدمَ مما تغِيضُ الأرحام. رواهما أبو حفص ابن شاهين (١).

وروى الأثرم [٢٠٣/ب] والدارقطني (٢) عن عائشة - رضي الله عنها - في الحامل ترى الدم، فقالت: الحامل لا تحيض، وتغتسل وتصلِّي. فأمرَتْها بالغسل، لأنها مستحاضة، والمستحاضة يُستحبُّ لها الغسل.

ولأنَّ الشرع جعل الحيضَ علامةً على براءة الرحم من الحمل في العِدَّة والاستبراء، فلو جاز اجتماعهما لما كان علامةً على عدمه. ولأنَّ طلاق الحائض محرَّم، والطلاق بعد تبيُّن (٣) الحمل جائز، فلو كان الدم الذي تراه الحامل حيضًا لما جاز الطلاق فيه، لما يلزمه من تخصيص العمومات والخروج عن القياس.

فأما الذي تراه قبل الوضع بيومين أو ثلاثة، فهو نفاس، لأنه دم خارج بسبب الولادة، فكان نفاسًا كالخارج بعدها. وهذا لأنَّ الحامل لا تكاد ترى الدم، فإذا رأته قريبَ الوضع، فالظاهر أنه بسبب الولد، لا سيَّما إن كان قد ضربها المخاضُ.

وهذه اليومان والثلاثة وإن جعلناها نفاسًا، فليست من المدَّة، بل أولُ المدّة من حين الوضع، لأنَّ في الحديث: «كانت تقعد بعد نفاسها» (٤)، وفي


(١) عزاهما إليه ابن التركماني في «الجوهر النقي» (٧/ ٤٢٤).
(٢) «سنن الدارقطني» (١/ ٢١٩).
(٣) في الأصل: «بغير تبيين»، وتصحيحه من المطبوع.
(٤) سيأتي تخريجه في الباب الآتي.