للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الإمام أحمد وابن المنذر عن أم سلمة زوج النبي [٨٠/أ]- صلى الله عليه وسلم - أنها كانت تمسح على الخمار (١)، فلولا أنها علمت ذلك من جهة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصًّا أو دلالةً لَما عملَتْه، وهي أفهم لمراده؛ ولأن الرأس يجوز للرجل المسح على لباسه، فجاز للمرأة كالرجل؛ ولأنه لباس يباح على الرأس يشقُّ نزعُه غالبًا، فأشبه عمامة الرجل وأولى، لأن خمارها يستر أكثر من عمامة الرجل، ويشقُّ خلعه أكثر، وحاجتها إليه أشدُّ من الخفين.

فأما العمامة للمرأة، فلا يجوز المسح عليها، لأنها منهيَّة عن ذلك. وكذلك كلُّ ما فيه تشبُّه بالرجال. وإن فرضت الإباحة بعض الأوقات لحاجة، فهي حالة نادرة.

فأما مسحُ الرجل على القلانس المبطَّنات الكبار، كالنوميَّات (٢) التي تتخذ للنوم، والدَّنِّيّات (٣) التي كانت القضاة تلبسها مستقدمًا (٤)، ففيه روايتان:

إحداهما: يجوز، لأن عمر (٥) وأبا موسى (٦) وأنس بن مالك (٧)


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٢٤)، ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط" (١/ ٤٦٨).
(٢) سمَّاها في "المستوعب" (١/ ٧٠): "القلانس النومية".
(٣) في "مجموع الفتاوى" (٢١/ ٢١): "القلانس الدَّنِّيّات". وهي قلانس كبار شُبِّهت بالدَّنِّ، انظر: "القاموس" مع الشرح، وقد وهم الشارح فيما نسبه إلى الشريشي في أصل الكلمة.
(٤) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "قديمًا"، كما في "الإنصاف" (١/ ٣٨٦).
(٥) عزاه ابن قدامة في "المغني" (١/ ٣٨٤) إلى الأثرم.
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٢٢)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (١/ ٤٢٨)، وابن المنذر في "الأوسط" (١/ ٤٦٨).
(٧) أخرجه عبد الرزاق (١/ ١٩٠)، وابن المنذر في "الأوسط" (١/ ٤٧٢).