للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجوسُ وصلَّبوا على الجبن، كما يصلِّب أهل الكتاب، ليشترى جبنهم. فكتب إليه عمر: "ما تبيَّن لكم أنه من صنعتهم فلا تأكلوه، وما لم يتبين لكم فكلوه، ولا تحرموا على أنفسكم ما أحلَّ الله لكم". رواه عبد الملك بن حبيب (١)، وقال: قد تورَّع عمر وابن مسعود وابن عباس في خاصَّة أنفسهم من أكل الجبن، إلا ما أيقنوا أنه من جبن المسلمين أو أهل الكتاب، خيفةَ أن يكون من جبن المجوس.

وقيل لابن عمر: إنا نخاف أن يُجبَن الجبن بإنفَحَة الميتة. فقال: ما علمتَ أنه ميتة [٣٠/أ] فلا تأكل (٢).

وأمّا أجناس الميت، فكلُّ ميتٍ نجسٌ إلا ما يباح أكله ميتًا، وما ليس له دم سائل، وما حَرُم لشرفه ــ وقد استثناها الشيخ - رحمه الله -، وذلك (٣) لعموم الآية والقياس ــ سواء كان طاهرًا في الحياة أو نجسًا، لكن يبقى نجسًا لسببين، كما حَرُم لسببين (٤).

أما الإنسان، فلا ينجُس بالموت (٥) في ظاهر المذهب. وعنه رواية أخرى: ينجُس لعموم الآية. ووقع زنجي في بئر زمزم، فمات، فأمر ابن


(١) لم أقف عليه مسندًا، وأورده ابن رشد في "البيان والتحصيل" (٣/ ٢٧١).
وفي مصنَّفَي عبد الرزاق (٤/ ٥٣٨ - ٥٤٢)، وابن أبي شيبة (١٢/ ٣٧٥ - ٣٨٠) جملة من الآثار المروية عنه في الجبن.
(٢) أخرجه بنحوه عبد الرزاق (٨٧٩١، ٨٧٩٢)، وابن أبي شيبة (٢٤٩١٦).
(٣) في المطبوع: "كذلك" خلافًا للأصل.
(٤) في المطبوع: "السببين". والمثبت من الأصل.
(٥) "بالموت" ساقط من المطبوع.