للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمسجد الأقصى بالعبادة، وهما أول (١) مساجد الأرض، وبينهما كان مَسرَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهما القبلتان، ومنهما المبدأ والمعاد، فإن الأرض دُحِيَتْ من تحت الكعبة (٢) وتُعاد من تحت الصخرة، وعامة الأنبياء الكبار بُعِثوا من بينهما. ويدلُّ على ذلك إهلالُ ابن عمر منه، ولم يفعل ذلك في حجه وعمرته من المدينة (٣).

وظاهر كلام أحمد في رواية ابن منصور: أن الإحرام من الميقات أفضل من بيت المقدس، وكذلك ذكر القاضي (٤) وغيره من أصحابنا. ثم منهم من ضعَّف الحديث (٥).

وتأوَّله القاضي (٦) على أن ينشئ السفر من بيت المقدس ويكون الإحرام من الميقات. وفيه نظر.

وأما من أحرم من الصحابة قبل المواقيت، فأكثرُ منهم عددًا وأعظمُ منهم قدرًا لم يُحرِموا إلا من المواقيت، وقد أنكروه بالقول، فروى الحسن أن عمران بن حُصين أحرم من البصرة، فبلغ ذلك عمر - رضي الله عنه - فغضب وقال: يتسامع الناس أن رجلًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحرم من مصره (٧).


(١) في المطبوع: «أولى».
(٢) رويت في ذلك آثار عن ابن عباس ومجاهد وكعب الأحبار وعطاء والنخعي، انظر «الدر المنثور» (١/ ٦٦٥ - ٦٦٦، ١٥/ ٢٣٤).
(٣) ق: «وعمر بين المدينة» تحريف.
(٤) في «التعليقة» (١/ ١٦١).
(٥) مثل ابن قدامة في «المغني» (٥/ ٦٧، ٦٨).
(٦) في «التعليقة» (١/ ١٦٦).
(٧) أخرجه سعيد بن منصور ــ كما قال المؤلف ــ ومن طريقه ابن حزم في «المحلّى» (٧/ ٧٧). وأخرجه أيضًا ابن أبي عروبة في «المناسك» (١٢٥) وابن أبي شيبة (١٢٨٤٢) والطبراني في «الكبير» (١٨/ ١٠٧). قال في «مجمع الزوائد» (٣/ ٢١٧): «رجاله رجال الصحيح إلا أن الحسن لم يسمع من عمر».