للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

فأما المعذور، فمن لم يمكنه الخروج من السفينة، إمَّا لبعده عن الساحل، أو لخوفه من عدوٍّ أو نحو ذلك، فإنه يصلِّي فيها على حسب حاله. فإن أمكنه القيام والاستقبال لزمه ذلك، سواء كانت سائرة أو واقفة؛ لما روى ابن عمر قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف أصلِّي في السفينة؟ قال: «صلِّ فيها قائمًا إلا أن تخافَ الغرقَ» رواه الدارقطني والحاكم في «صحيحه» (١).

ولأنَّ أركان الصلاة يجب فعلُها مع القدرة عليها، لما نذكره ــ إن شاء الله ــ من أدلَّة وجوبها.

وإذا دارت السفينة، فقال ابن أبي موسى (٢) وغيره: يستقبل القبلة في الفرض، ويدور إليها كلَّما دارت السفينة. [ص ١٩٠] ويُعذَر في النفل أن لا يدور إلى القبلة إذا دارت السفينة. وهذا يشبه الراكبَ في العَمّارية (٣) والمَحْمِل ونحوهما.

وفي وجوب الاستدارة عليه في النفل إذا أمكنه وجهان.


(١) الدارقطني (١/ ٣٩٥)، والحاكم (١/ ٤٠٩)، من طريق جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر به.

قال الحاكم: «حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه، وهو شاذ بمرة»، وحسنه البيهقي في «السنن الكبرى» (٣/ ١٥٥).
(٢) في «الإرشاد» (ص ٨٨).
(٣) فسَّرها في «المصباح المنير» بالكَجَاوة، وهي كلمة فارسية بمعنى الهودج والمحمِل. وانظر: «تكملة دوزي» (٧/ ٣٠٨).