للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنَّ أحدًا يفعل هذا، لأنَّ المؤذن يدعو الناس إلى الصلاة، فلا بدَّ أن يكون نداؤه قريبًا من موضع الصلاة، ليقصده الناس.

فأمَّا إن أذَّن لغير المسجد، بل للإعلام بالوقت، فلا بأس بذلك بكلِّ موضع.

فصل

ولا يصح الأذان إلا مرتَّبًا متواليًا على ما جاءت به السنَّة، لأنه ذكر مجموع، فوجب أن يؤتى به على وجهه كقراءة الفاتحة؛ ولأنه بدون ذلك يختلُّ المقصود به من الإعلام والدعاء. فإن نكَسه لم يصحَّ بحال.

وإن فرَّق بين كلماته بسكوت يسير، أو كلام يسير مباح، لم يقطعه؛ لكنه إن كان لغير حاجة كُرِه. وهو في الإقامة أشدُّ كراهة من الأذان.

وإن كان لحاجةٍ مثل أن يردَّ على من سلَّم عليه، أو يأمرَ بعض أهله بحاجة، أو يأمرَ بمعروف أو ينهى عن منكر بكلام قليل= لم يُكرَه، لما ذكره الإمام أحمد عن سليمان بن صُرَد ــ وكانت له صحبة ــ أنه كان يأمر غلامه بالحاجة، وهو يؤذِّن (١). وأمر ابنُ عباس مؤذِّنَه أن يقول في يوم مَطِير بعد قوله: «حيَّ على الفلاح» (٢): ألا، صَلُّوا في الرحال. متفق عليه. ولأنَّ ذلك


(١) أخرجه أبو نعيم الفضل بن دكين في «الصلاة» (١٦٧ - ١٦٨)، وابن أبي شيبة (٢٢١١)، وعلقه البخاري مجزومًا به في كتاب الأذان، باب الكلام في الأذان.
(٢) كذا في الأصل: «بعد قوله: حيَّ على الفلاح». وفي «صحيح البخاري» (٦١٦): «فلما بلغ المؤذِّن حيَّ على الصلاة، فأمره أن ينادي: الصلاة في الرحال». وفيه (٩٠١): «فلا تقل حيَّ على الصلاة. قُل: صلُّوا في بيوتكم». ومثله في «صحيح مسلم» (٦٩٩).