للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبيَّن لنا أنه قياس فاسد.

وذلك أن ترك واجبات الحج وفعل محظوراته يوجب الفدية إذا فُعِلَت لعذرٍ خاص يكون ببعض الناس بعضَ الأوقات، فأما ما رُخِّص فيه للحاجة العامة وهو ما يُحتاج إليه في كل وقت غالبًا فإنه لا فدية معه. ولهذا رخّص للرُّعاة والسُّقاة في ترك المبيت بمنى من غير كفارة؛ لأنهم يحتاجون إلى ذلك كلَّ عام، ورخّص للحائض أن تنْفِر قبل الوداع من غير كفارة؛ لأن الحيض أمر معتاد غالب. فكيف بما يحتاج إليه الناس وهو الاحتذاء والاستتار، فإنه لمَّا احتاج إليه كلُّ الناس لِمَا في تركهما من الضرر شرعًا وعرفًا وطبعًا= لم يَحتجْ هذا المباح إلى فدية، لاسيَّما وكثيرًا ما يُعدَل إلى السراويل والخف للفقر، حيث لا يجد ثمن نعل وإزار، فالفقر أولى بالرخصة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سُئل عن الصلاة في ثوب واحد، قال: «أوَ لكلِّكم ثوبانِ؟» (١).

فإن قيل: فهو يحتاج إلى سَتْر منكبيه أيضًا للصلاة، فينبغي إذا لم يجد رداءً (٢) أن يلبس القميص.

قلنا: يمكنه أن يتَّشِح بالقميص كهيئة الرداء من غير تغييرٍ لصورته، وذلك يُغنيه عن لبسه على الوجه المعتاد.

فصل

ومعنى كونه لا يجده: أن لا يُباع، أو يجده يُباع وليس معه ثمن فاضل


(١) أخرجه البخاري (٣٥٨) ومسلم (٥١٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) في النسختين: «ازارا». والمثبت يقتضيه السياق.