للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لتقديره فائدة.

وصحّ عنه أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن البول في الماء الدائم ثم الاغتسال منه، ونهى عن اغتسال الجنب فيه، وأمر المستيقظ من نوم الليل ألا يغمِس يده فيه، وأمر بإراقة الإناء من ولوغ الكلب فيه. وهذا كلّه يدلّ على أنّ القليل تؤثّر فيه النجاسة. [٤/أ] ولأنه لقلّته قد تبقى النجاسة فيه غير مستهلكة، فيفضي استعماله إلى استعمالها.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينجِّسه شيء" يريد ــ والله أعلم ــ أنّ ذات الماء لا تنقلب نجسةً بالملاقاة فرقًا بينه وبين المائعات حيث تنقلب نجسة بوقوع النجاسة فيها، لأنه طهور يطهِّر غيرَه، فنفسه أولى. فأما إذا تغيّر بالنجاسة فإنما حرم استعماله كما يحرم استعمال الثوب الملطّخ بالدم والبول، فإذا زال التغيّر كان كزوال النجاسة عن الثوب. ولهذا السبب كان سائر المائعات غير الماء يتنجَّس (١) بوقوع النجاسة فيه، قليلًا كان أو كثيرًا، في المشهور من المذهب.

وعنه: اعتبار القلّتين فيها كالماء. وعنه: اعتبارها فيما أصله الماء منها كخلّ التمر، دون ما ليس أصله الماء كالعصير والدُّهن (٢).


(١) في المطبوع: "ينجس" خلافًا للأصل.
(٢) "والدهن" ساقط من المطبوع. واختار المصنف فيما بعد أن المائع كالماء لا يتنجس إلا بالتغيّر قليلًا كان أم كثيرًا. انظر "مجموع الفتاوى" (٢١/ ٤٨٨) و"العقود الدرية" (ص ٣٩١) و"اختيارات" ابن عبد الهادي (رقم ١٤) والبرهان ابن القيم (رقم ٤٠) وابن اللحام (ص ٥).