للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتسميتها بالمغرب أفضل من العشاء. فإن سُمِّيت «العشاء» أحيانًا مع تقييدها بما يدلُّ على أنها المغرب فلا بأس، ما لم يُهجَر اسم «المغرب»؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سمَّى «العشاء الآخرة» في حديث جبريل (١)، وحديثِ: «أثقلُ صلاةٍ على المنافقين» (٢). وأقَرَّ على تسميتها بذلك لسائل سأله (٣)، وسمَّاها أصحابه بذلك في عدَّة أحاديث (٤). وقولُهم: «الآخِرة» دليل على العشاء الأولى.

وإنما كان تسميتها «المغرب» أفضل لما روى عبد الله بن مغفَّل أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تغلبنَّكم الأعرابُ على اسم صلاتكم المغرب». قال: «والأعراب تقول: هي العشاء» متفق عليه (٥). ولأنَّ الله تعالى قال: {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} [النور: ٥٨] وأراد بذلك صلاةَ العَتَمة، فعُلِم أنَّ العشاء المطلقة هي العشاء الآخرة. ولأنَّ تسميتها بالعشاء دائمًا يُشعِر بتأخيرها، بخلاف تسميتها بالمغرب، فإنه يُشعِر بفعلها عند الغروب. وعلى الوجه الذي يأتي ذكره يُكرَه تسميتُها بالعشاء لظاهر الحديث.


(١) انظر حديث ابن عباس في «سنن الترمذي» (١٤٩)، وقد تقدم.
(٢) أخرجه البخاري (٦٥٧) ومسلم (٦٥١) من حديث أبي هريرة. ولكن لفظ «العشاء الآخرة» ورد في رواية أحمد (١٠٨٧٧) وغيره.
(٣) لعل المقصود حديث الجهني في «مسند أحمد» (٢٣٠٩٥).
(٤) انظر حديث عائشة في البخاري (٦٨٧) ومسلم (٤١٨) وحديث البراء في مسلم (٤٦٤) وحديث جابر بن عبد الله في مسلم (٤٦٥) وابن عمر في مسلم (٦٣٩) وحديث جابر بن سمرة في مسلم (٦٤٣) وحديث أسامة في مسلم (١٢٨٠).
(٥) كذا في «المنتقى» (١/ ٢٢١) والحديث أخرجه البخاري (٥٦٣) دون مسلم.