للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعذر نادر غير متصل، كمن صلَّى بلا ماء ولا تراب، وكالعاجز عن إزالة النجاسة؟

قلنا: قد قال ابن أبي موسى (١): «من كان مصلوبًا على خشبة مستدبرَ القبلة، أو محبوسًا في موضع نجس لا يجد وضوءًا، ولا يقدر على التيمُّم= صلَّى على حاله يومئ إيماءً، ويعيد إذا قدر على الوضوء في إحدى الروايتين». فقد جعلهما سواء.

وأمَّا غيره فلم يوجب الإعادة بحال. أمَّا [ص ١٩٥] على إحدى الروايتين، فإنَّ جميع الشرائط تسقط بالعجز من غير إعادة. وأمَّا على الرواية الأخرى، فإنَّ القبلة أشبه بالسترة منها بالطهارة. ولهذا فُرِّق فيها بين الفرض والنفل، كما فُرِّق في السترة عندنا. فإذا سقطت السترة فالقبلة أولى، لأنها أخفُّ، فإنَّ سائر الجهات عوض عن جهة الكعبة عند العجز عنها، بدليل قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥]. والشرط إذا كان له بدل لم تجب الإعادة بالعجز عنه كالوضوء. ولأنَّ الطهارة أوكد الشروط، واستقبال الكعبة أخفّ الشروط، لهذا سقطت في النافلة على الراحلة، فصارت بمنزلة القيام في الأركان، فلا يصح إلحاق أحدهما بالآخر.

الموضع الثاني: في صلاة النافلة في السفر، وهو مُجمَع عليه لما روى ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسبِّح على راحلته قِبَلَ أيِّ وجهٍ توجَّه، ويوتر عليها، غير أنه لا يصلِّي عليها المكتوبة. متفق عليه (٢).


(١) في «الإرشاد» (ص ٨٦).
(٢) البخاري (١٠٩٨) ومسلم (٧٠٠).