للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختيار أصحابنا؛ لأن الله سبحانه قال: {طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} [البقرة: ١٢٥]، وقال تعالى في موضع: {وَالْقَائِمِينَ} [الحج: ٢٦].

فعُلِم أن المُقام في بيت الله هو العكوف فيه من غير شرط، وأنه عبادة بنفسه، كما كان الطواف والركوع والسجود عبادة بنفسه.

ولأن العكوف في اللغة (١): الإقبال على الشيء على وجه المواظبة، وهذا يحصل من الصائم والمفطر، وهو لفظ معروف، ولا إجمال فيه.

ولأن العاكفين على الأصنام ولها سُمُّوا بذلك بمجرَّد احتباسهم عليها، وإن لم يصوموا، فالمحتبس لله في بيته عاكف له، وإن لم يكن صائمًا. ولأن الله سبحانه أطلقَ قولَه: {عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} ولم يخصِّص به صائمًا من غيره.

نعم، لمَّا أباح المباشرةَ للصائم بالليل وقد يكون معتكفًا، نهاه أن يباشر في حال عكوفه، ليتبين أن كلَّ واحدٍ من الصوم والعكوف مانع (٢) من المباشرة.

وأيضًا ما روى ابنُ عمر: أن عمر سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: كنتُ نذرتُ في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام. قال: «فأوف بنذرك» رواه الجماعة إلا أبا داود (٣).


(١) ينظر ما سبق في تعريف الاعتكاف (ص ٥٧٥).
(٢) س: «مانعا».
(٣) أخرجه أحمد (٢٥٥)، والبخاري (٢٠٣٢)، ومسلم (١٦٥٦)، وأبو داود (٢٤٧٤)، والترمذي (١٥٣٩)، والنسائي في الكبرى (٣٣٣٥)، وابن ماجه (١٧٧٢). والحديث عند أبي داود، وليس كما نفاه المؤلف.