للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما مقدّمات الجماع التي لا توجب الكفّارة مثل القُبلة واللمس والنظر إذا فعلها ناسيًا فأَمْنى أو أَمْذى، فقال أصحابنا: هو على صيامه، ولا قضاء عليه؛ لأنه أمر يوجب القضاءَ فقط، ففرقٌ بين عَمْده ونسيانه، كالأكل.

فعلى هذا ما أوجب عمدُه الكفّارةَ، أوجب سهوُه القضاءَ في المشهور، وفي الكفّارة الخلاف المتقدّم، وما أوجب عمدُه القضاءَ فقط، لم يُبطل الصومَ سهوُه؛ لأن ما أوجب جنسُه الكفّارةَ، تغلّظ جنسُه فأُلحِق بالجماع، بخلاف ما لا يوجب إلا القضاءَ فقط، فإنه كالأكل.

وإن أُكره الرجل على الجماع؛ فقال ابن أبي موسى (١) والقاضي وابن عقيل وغيرهم: عليه مع القضاء الكفّارة قولًا واحدًا، بخلاف الناسي؛ لأن الجماع لا يتأتَّى إلا مع حدوث الشهوة، ولهذا وجبت الكفّارة على المُكْره على الزنى في المنصوص؛ لأنه لا يطأ حتى ينتشر، ولا ينتشر إلا عن شهوة.

قال ابن عقيل: وإن كان منتشر العضو فاغْتَفَلَتْه امرأةٌ وقعَتْ عليه، فغلَبَتْه واستدخلت عضوَه، فلا كفّارة عليه هنا لعدم العلة، وفي إفساد الصوم وجهان، وذكر أبو الخطاب (٢) وغيرُه فيه الروايتين في الناسي.

وإن استدخلت ذَكَره وهو نائم، فقال القاضي: لا يفطر لأنه كالمحتلم، لم يصدر منه فعل ولا لذّة.

وهذا قياس قول مَن يفرّق بين النائمة والمكرَهَة، وليس هو قول القاضي.


(١) في «الإرشاد» (ص ١٤٧).
(٢) في «الهداية» (ص ١٥٩).