للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: النية، وهي أن يقصد الطواف بالبيت، فلو دار حول البيت طالبًا لرجل، أو متروِّحًا بالمشي، ونحو ذلك= لم يكن ذلك طوافًا، كما لو أمسك عن المفطرات ولم يقصد الصوم، أو تجرَّد عن المخيط ولبَّى (١) ولم يقصد الإحرام. وهذا أصل مستقرٌّ في جميع العبادات المقصودة: لا تصحُّ إلا بنية، لقوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥]، وهذا لم ينوِ (٢) العبادة.

الشرط الثاني: أن يكون طاهرًا من الحدث، فلو كان مُحدِثًا أو جنبًا أو حائضًا لم يجزْ له فعل الطواف (٣)، رواية واحدة، بل هو حرام عليه، ولا يجوز أن يؤمر به؛ لأن الأمر بالحرام حرام؛ لما روى ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النفساء والحائض تغتسل وتُحرِم وتقضي المناسك كلها، غير أن لا تطوف بالبيت. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن (٤).

وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن أبيه عن أبي بكر: أنه خرج حاجًّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعه أسماء بنت عُميس، فولدت محمد بن أبي بكر، فأتى أبو بكر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمرها أن تغتسل، ثم تُهِلَّ بالحج، وتصنعَ ما يصنع الناس إلا أنها لا تطوف بالبيت. رواه النسائي وابن ماجه (٥).


(١) ق: «أو لبى».
(٢) ق: «لم ينوي».
(٣) تغيَّر رأي المؤلف في هذه المسألة، انظر «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ١٧٦ - ٢١٨).
(٤) سبق تخريجه.
(٥) النسائي (٢٦٦٤) وابن ماجه (٢٩١٢). والإسناد وإن كان مُرسلًا لأن محمد بن أبي بكر لم يسمع من أبيه، إلا أن أصله ثابت بنحوه من حديث جابر وحديث عائشة عند مسلم (١٢٠٩، ١٢١٠) وغيره. وقد صححه ابن خزيمة (٢٦١٠).