للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا كلام مفسَّر من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، يُقضَى به على ما سواه من الحكايات المحتملة.

وفي هذه الأحاديث زيادة، فيجب الأخذُ بالزائد، ويُحمَل (١) قولُ من روى «ثلث الليل» على (٢) أنه أراد ثلثَ الليل الممتدَّ إلى طلوع الشمس؛ فإنَّ ما بعد طلوع الفجر قد يُجعَل ليلًا. ولهذا يسمَّى وقتُ الزوال نصف النهار في كثير من الأحاديث التي تقدَّمت. وإنما يكون نصفَ النهار إذا كان أولُه من حين طلوع الشمس، كما يقوله بعض أهل اللغة والحساب والفقه. وإذا كان الغالب على لسان الشرع انتهاء الليل إلى طلوع الفجر، وابتداء النهار من حينئذ، وثلُث الليل بهذا الاعتبار أكثر من ثلثه بالاعتبار الأول= فإذا انضمَّ إلى هذا احتياطُ الراوي وإخبارهُ بالمستيقن جاز أن يسمَّى ما يقارب النصف ثلثًا.

فصل

وأما وقت الإدراك والضرورة، فيمتدُّ إلى طلوع الفجر الثاني، لما روى يحيى بن آدم عن ابن عباس قال: لا يفوت وقتُ الظهر حتى يدخل وقت العصر، ولا يفوتُ وقت العصر حتى يدخل وقت المغرب، ولا يفوت وقتُ المغرب إلى العشاء، ولا يفوت وقتُ العشاء إلى الفجر (٣). وروى الخلال


(١) في الأصل: «يحتمل» وقال ناسخه في الحاشية: «لعله: ويحمل». وهو كما قال.
(٢) في الأصل والمطبوع: «على ثلث الليل»، وكتب «على» في غير موضعه والصواب ما أثبت.
(٣) أخرج عبد الرزاق (٢٢٢٦) ــ ومن طريقه ابن المنذر في «الأوسط» (٢/ ٣٤٥) ــ عن الثوري، عن ليث، عن ابن طاوس، عن ابن عباس قال: «وقت الظهر إلى العصر، والعصر إلى المغرب، والمغرب إلى العشاء، والعشاء إلى الصبح»، قال الثوري: «وقد كان بعض الفقهاء يقول: الظهر والعصر حتى الليل، ولا يفوت المغرب والعشاء حتى الفجر، ولا يفوت الفجر حتى تطلع الشمس»، وبنحوه البيهقي في «السنن الكبرى» (١/ ٣٦٦).