للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طريق آخر يذهب فيه، أو صُدَّ عن دخول الحرم، فإنه يجوز له التحلل ويرجع، لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦]. والتحلل لا يكون إلا بنية الإحلال والخروج من الإحرام. فلو حلق أو ذبح أو فعل شيئًا من المحظورات غيرَ ناوٍ للتحلل لم يصِرْ حلالًا، بخلاف ما لو فعل ذلك بعد إتمام النسك؛ لأنه إذا تمّ نسكه صار حلالًا بالشرع، حتى لو نوى دوام الإحرام لم يصح، كالصيام إذا غربت الشمس؛ والمصلي إذا سلَّم.

وإذا لم يتمّ: فهو مخيَّر بين الإتمام والإحلال، كالمريض الصائم والمصلي الذي يجوز له قطع الصلاة، لا يخرج من العبادة إلا بما ينافيها من النية ونحوها، لكن المحرم لا يفسد إحرامه إلا بالوطء. ولا بدّ من ... (١).

وليس له أن يتحلل حتى ينحر هديًا إن أمكنه؛ لأن الله يقول: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} فأمر بإتمام الحج والعمرة، وجعل ما استيسر من الهدي في حق المحصر قائمًا مقام الإتمام.

وهذا يدلُّ على وجوب الهدي من وجوه:

أحدها: أن التقدير: فإن أُحصرتم فعليكم ما استيسر من الهدي، أو ففرضُكم ما استيسر. فهو خبرُ مبتدأ محذوف، أو مبتدأ خبرٍ (٢) محذوف، ترك ذكر المحذوف لدلالة سياق الكلام عليه، كما قال تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ


(١) بياض في النسختين.
(٢) في المطبوع: «خبره».