للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو لبس الخف محدثًا، فلما غسل رجليه رفعه إلى الساق ثم أعاده (١). وإن لم يرفعها رفعًا فاحشًا، فيحتمل أن يكون كما لو غسل رجليه في الخف، لأن الرفع [٨٦/ب] اليسير لا يُخرجه عن حكم اللبس، [ولهذا لا تبطل الطهارة به. ويحتمل أنه كابتداء اللُّبس] (٢) لأنه إنما عفي عنه هناك للمشقة.

ويتوجه أن يقال في العمامة: لا يشترط فيها ابتداء اللباس على طهارة، بل يكفي فيها الطهارة المستدامة، لأن العادة الجارية أن الإنسان إذا توضّأ مسح رأسه ورفَع العمامة (٣)، ثم أعادها. ولم تجر العادة بأن يبقى مكشوف الرأس إلى آخر الوضوء، ولا أن يخلعها (٤) بعد وضوئه ثم يلبسها، بخلاف الخف، فإن عادته أن يبتدأ لبسه بعد كمال الطهارة. وغسله في الخف نادر. ولم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه في المسح على العمامة شيء من ذلك وهو موضع حاجة، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

وقد علل أصحابنا الخفَّ بندرة غسل الرجل فيه، وهذه العلة تنعكس في العمامة، لا سيما إن قلنا: ابتداء اللبس على كمال الطهارة واجب. فأما إن قلنا: يكفي لبسها على طهارة محلِّها، وجعلنا رفعَها شيئًا يسيرًا ثم إعادتَها


(١) في الأصل: "رفعها ... أعادها"، وكذا في "الفروع". والضمير للخف، والخف مذكر. وفي المطبوع كما أثبتنا.
(٢) ما بين الحاصرتين من "الفروع" (١/ ٢٠٦) وقد نقل فيه هذا النص. ولعله سقط من الأصل لانتقال النظر.
(٣) في المطبوع: "رفع العمامة ومسح برأسه"، وكذا في "الفروع". والمثبت من الأصل، وهو صواب، وقد سبق نحوه آنفًا.
(٤) في الأصل والمطبوع: "يجعلها"، تحريف. انظر: "الفروع" (١/ ٢٠٧).