للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

فأما إن تغيَّر بما لا يمكن صَونُه عنه فهو باق [٧/ب] على طهوريته كالماء المتغير بالطُّحلُب، وورق الأشجار المتحاتَّة (١) فيه، وما يحمله المدُّ من الغثاء، وما ينبت فيه. وكذلك إن تغيَّر بطول مُكثه، وكذلك ما تغيَّر بمجاريه كالقار والنفط، لأن هذا التغير لا يمكن صون الماء عنه. وهو من فعل الله ابتداءً، فأشبَه التغيُّر الذي خلق (٢) عليه الماء، حتى لو طرحت فيه هذه الأشياء عمدًا سلبته التطهير، إلا الملح المنعقد من الماء، لأنه ماء فهو كذَوب الثلج والبرد. وفي التراب وجهان لكونه طهورًا في الجملة.

وإن تغيَّر بطاهر لا يخالطه كالخشب والأدهان وقطع الكافور، فهو باق على طهوريته في أشهر الوجهين. ولا أثر لما غيَّر الماء في محل التطهير، مثل أن يكون على بدن المغتسل زعفران أو سدر أو خِطْمي فتغيَّر به؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بغسل المحرم (٣) وغسل ابنته بماء وسدر (٤)، وأمر قيس بن عاصم أن يغتسل بماء وسدر (٥)،

ولأن هذا تدعو إليه الحاجة.


(١) في الأصل والمطبوع: "المنجابة"، وهو تصحيف ما أثبتناه، من تحاتّت الشجرة: تساقط ورقها.
(٢) في المطبوع: "خلق الله"، خلافًا للأصل.
(٣) أخرجه البخاري (١٨٤٩) ومسلم (١٢٠٦).
(٤) أخرجه البخاري (١٢٥٣) ومسلم (٩٣٩).
(٥) أخرجه أحمد (٢٠٦١١، ٢٠٦١٥)، وأبو داود (٣٥٥)، والترمذي (٦٠٥)، والنسائي (١٨٨)، من طرق عن خليفة بن حصين، عن جده قيس - رضي الله عنه -، وتارة عن أبيه، عن جده، وخطّأ هذا الوجه أبو حاتم في "العلل" (١/ ٤٥٢).

قال الترمذي: "هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه"، وصححه ابن خزيمة (٢٥٤، ٢٥٥)، وابن حبان (١٢٤٠)، وأعله ابن القطان في "بيان الوهم" (٦/ ٤٢٩) بالانقطاع في الوجه الأول، وبجهالة حصين في الوجه الثاني.