للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: الصورة الرأس، فإذا قطع الرأس فليس بصورة. رواه الخلال وأبو حفص (١).

وقد صحَّ عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها كانت تلعب البنات، وتصنع لها لُعَبًا تسمِّيها خيلَ سليمان (٢). وإنما ذلك لأنه لم يكن لها رؤوس.

ولأنَّ ما ليس له رأس لا يكون فيه حياة ولا روح ولا نفس، وإنما هو بمنزلة الشجر ونحوها. والنهيُ إنما كان عن تصوير ذوات الأرواح كما تقدَّم. ولهذا لم يكره أصحابنا تمثيلَ ما لا روح له، كالأتْرُجِّ والنارَنْج والشجر ونحوها، كما نصَّ عليه أحمد. فإنه لم يكره إلا الصورة، لأن النهي إنما جاء فيها خاصَّةً.

وكره بعضُ أصحابنا التَّصليبَ في الثوب، وفسَّره بصورة الصليب الذي تعَظّمه النصارى. وحمَلَ حديث عائشة أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يترك في بيته شيئًا فيه تصاليبُ إلا نقَضه (٣)، على ذلك. ولأنَّ هذا الشكل تعظِّمه [النصارى] (٤) ويعبدونه، فصار بمنزلة الأصنام التي كان المشركون يعظِّمونها، فكُرِه لما فيه من التشبُّه بهم. وكلام أحمد يدل على أنه لا يكره من التماثيل سوى الصورة. وكذلك كلامُ سائر أصحابنا، فإنهم قالوا: لا بأس بلُبس ما فيه التماثيل التي لا تُشْبِه ما فيه الروح. وفسَّر القاضي وغيره حديث عائشة بالتصاوير، كما


(١) وأخرجه البيهقي في «الكبرى» (٧/ ٢٧٠).
(٢) أخرجه أبو داود (٤٩٣٢).
وصححه ابن حبان (٥٨٦٤).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) زيادة من المطبوع.