للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوثقهم؟

لأصحابنا في الاستفتاء وجهان، فكذلك يخرَّج هنا مثلُه. لكن ظاهر كلامهم هنا أنَّ ذلك لا يجب عليه، لأنهم قصروا اتباع الأوثق على حال الاختلاف، ولأنه لو كان قريبًا منه أمارة تدل على القبلة [ص ٢٢٠] جاز له اتباعها، ولم يجب عليه أن يقطع مسافةً إلى أمارة أخرى، لجواز أن تخالفها؛ ولأن الأصل عدم الاختلاف.

فصل

وإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يجُز أن يأتمَّ أحدهما بصاحبه، في المنصوص المشهور. ومتى ائتَّم أحدهما بالآخر، فصلاة المأموم باطلة. وفي صلاة الإمام وجهان.

وقال بعض أصحابنا (١): قياس المذهب جوازه، كما لو ائتمَّ بمن يخالف اجتهاده في بعض شروط الصلاة، كمن يصلِّي خلف من يصلِّي في جلود السِّباع، فإنه تصح صلاته في المنصوص عنه. ولأنَّ خطأ الإمام هنا لا يمنع صحة الصلاة ظاهرًا ولا باطنًا، لأنَّ الإمام لا يعيد إذا تبيَّن له الخطأ، بخلاف ما لو اعتقد الماموم أن الإمام مُحدِث.

ووجه الأول: ما تقدَّم من الحديث المذكور، فإنَّ الصحابة رضوان الله عليهم حينئذ صلَّى كلُّ واحد منهم على حدته، ولم يصلُّوا جماعة واحدة (٢). ولو كان ذلك جائزًا لفعلوا، لأنَّ الجماعة واجبة أو سنَّة مؤكدة.


(١) لعله يعني صاحب المتن. انظر: «المغني» (٢/ ١٠٩).
(٢) تقدم تخريجه.