للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكن محرَّمًا عليهم النظرُ إلى العورة، بدليلِ أنَّهم كانوا يغتسلون عراةً، ينظر بعضُهم إلى عورةِ بعض، وإنما كان موسى يجتنب ذلك حياءً. والتكشُّف في الماء أهونُ منه بين الناس، فما كان مكروهًا فيهم صار حرامًا (١) فينا، وما كان مباحًا صار مكروهًا. أو يُحمَل حديثُ موسى على كشفها في الماء لحاجةٍ، والحديثُ الآخر إذا لم يحتج إلى كشفها، كما في كشفها خارجَ الماء، ويكون مقصود الحديث بيانَ أنَّ الماء ليس بساترٍ، لأنَّ فيه سُكَّانًا.

فصل

ولا فرق في ذلك بين الحمَّام وغيره، فلا يحلُّ دخولها إلا بشرط أن يستر عورتَه عن أعين الناس، ويغُضَّ نظرَه [١٤٤/أ] عن عوراتهم، ولا يمسَّ عورة أحد، ولا يدع أحدًا يمسُّ عورته، من قيِّم ولا غيره؛ لأنَّ كشف العورة والنظر إليها ومسَّها حرام.

ثم إن أمِنَ (٢) النظرَ إلى عورة غيره، بأن يكون كلُّ من في الحمام مؤتزرًا أو لا يكون فيه غيرُه، فلا بأس بدخوله. وإن خشي أن ينظرَ (٣) إلى عوراتهم كُرِه له ذلك. قال الإمام أحمد: إن علمتَ أنَّ كلَّ من في الحمَّام عليه إزار فادخُلْه، وإلَّا فلا تدخُلْ (٤). وقال أيضًا: ادخُلْ إذا استترتَ واسْتُتِرَ منك، ولا


(١) في المطبوع: «محرَّمًا»، والمثبت من الأصل.
(٢) في الأصل: «من»، وسقطت الهمزة فيما أرى. وقد أصلحت العبارة في المطبوع بزيادة «عدم»: «إنَّ مَن عدم النظر ... ».
(٣) في المطبوع: «خشي النظر» خلافًا للأصل.
(٤) «المغني» (١/ ٣٠٥).