للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: المحفوظ عن أنس فعلُه غير مرفوع. ولم يُنقَل عن صحابي خلافه.

السبب الثالث: المرض. فعنه: أنه ليس بعذر في الصلاة على الراحلة. نصَّ عليه (١) مفرِّقًا بينه وبين الوحل، لأنَّ ابن عمر - رضي الله عنه - روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يوتر على راحلته، ويسبِّح عليها، ولا يصلِّي عليها المكتوبة. متفق عليه (٢). وكان ابن عمر يُنزِل مرضاه، فيصلُّون بالأرض (٣). ذكره أحمد. فعُلِمَ أنه فَهِم من فعل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - استواءَ الصحيح والمريض في هذا الحكم. ولأنَّ المريض لا ضرر عليه في صلاته بالأرض، بل ذلك أهوَن عليه من صلاته على الدابة. وإنما قد يشقُّ عليه حركة النزول فقط، وهذا يعارضه حركة هَزِّ الدابة.

وعنه أنَّ المريض يصلِّي على الدابة، لأنَّ المشقة عليه في نزوله [ص ١٩٣] أعظم من مشقَّة التلوُّث بالطين.

ثم من أصحابنا من أطلق الروايتين. وعلى هذه الطريقة فقد اختار جدِّي - رحمه الله -: إن تضرَّر بنزول أو لم يكن له من يُنزله، فإنه يصلِّي على الدابة. وإن لم يتضرَّر فهو كالصحيح (٤).

ومن أصحابنا من جوَّز ذلك، فقال: إن كان النزول يزيد في مرضه، أو لا


(١) في رواية أبي طالب. ونقل إسحاق بن إبراهيم ومهنَّا الجواز. انظر «الروايتين والوجهين» (١/ ١٨١) و «المغني» (٢/ ٣٢٦).
(٢) البخاري (١٠٩٨) ومسلم (٧٠٠).
(٣) أخرج البيهقي (٢/ ٧) من طريق الأوزاعى، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان ينزل مرضاه في السفر حتى يصلوا الفريضة في الأرض.
(٤) نقله عن المجد في «الإنصاف» (٥/ ٢٣).