للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الصمد العمّي، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: خرجنا مع عمر - رضي الله عنه - إلى مكة، فلما دخلنا الطوافَ قام عند الحجر، وقال: والله إني لأعلم أنك حجرٌ لا تضرُّ ولا تنفع، ولولا أني رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبَّلك ما قبَّلتُك، ثم قبَّله يعني في الطواف فقال له علي: بلى يا أمير المؤمنين، هو يضر وينفع! قال: وأين ذلك؟ قال: في كتاب الله. قال: وأين ذلك من كتاب الله عز وجل؟ قال: قال الله عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّياتهم (١) وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} [الأعراف: ١٧٢] قال: فلما خلقَ عز وجل آدم عليه السلام مسح ظهره، فأخرج ذريته من صُلْبه، فقرَّرهم أنه الرب وهم العبيد، ثم كتب ميثاقَهم في رَقٍّ، وكان هذا الحجر له عينانِ ولسان، فقال له: افتَحْ فاك، فأَلْقمَه ذلك الرَّقَّ، وجعله في هذا الموضع، وقال: تشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة. قال: فقال عمر: أعوذ بالله أن أعيشَ في قومٍ لستَ فيهم يا أبا حسن.

فصل

والسنة أن يبتدئ بالحجر في أول الطواف، وأن يستقبل الركنَ في أول الطواف، سواء استلمه وقبَّله أو لم يفعل، وهل ذلك واجب، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر: «إن وجدتَ خلوةً فاستلِمْه، وإلا فاستقبلْه وهلِّل وكبِّر»؟ قال القاضي (٢): من شرط الطواف الاستقبال، فلا يجوز أن يبتدئ الطواف غيرَ


(١) كذا في قراءة نافع وأبي عمرو وابن عامر. وهي كذلك في النسختين، والمؤلف كان يقرأ بقراءة أبي عمرو، ولذا أثبتناها كما هي.
(٢) في «التعليقة» (٢/ ١٠).