للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومكث منهم طائفة على الردَّة (١) برهةً من الدهر، ولم يُنقَل أنَّ أحدًا منهم أُمِر بالقضاء. ولأنَّ الترك هنا كان في ضمن الاعتقاد، فلما غُفِر له الاعتقاد غُفِر له ما في ضمنه. ولأنَّ إيجابَ القضاء هنا قد يكون فيه تنفير عن الإسلام، لا سيَّما إذا كثرت أعوامُ الردَّة، وكانت (٢) الأموال كثيرة؛ [٢١٥/أ] فإنه قد يعجز عن القضاء، فيصبر (٣) على الكفر فرارًا من القضاء.

فأما ما فعله قبل الردَّة، فلا يجب عليه قضاؤه بحال، لأنَّ الذمة برئت منه، حتّى الحجّ في إحدى الروايتين. وعنه: إيجابُ قضاء الحجّ. فمن أصحابنا من علَّل ذلك بأنَّ العمل الماضي حَبِط بالردَّة، فيجب عليه ما يجب على الكافر الأصلي. فعلى هذا يجب إعادة ما صلَّى (٤) إذا أسلم، ووقتُه باقٍ. وهذه طريقة ابن شاقْلا وأبي الخطاب وغيرهما (٥).

وقال القاضي وأكثر أصحابه مثل الشريف أبي جعفر والآمدي (٦): يجب إعادةُ الحج، مع القول بأنَّ العمل لم يحبَط أصلًا (٧)؛ لأنَّ هذا


(١) «على الردة» ساقط من (ف).
(٢) في الأصل: «فكانت»، والمثبت من (ف)، وكذا في المطبوع.
(٣) في الأصل: «فتصير»، وفي المطبوع: «فيصرُّ»، والمثبت من (ف).
(٤) في (ف): «صلَّاه».
(٥) انظر: «الانتصار» (٢/ ٣٣٦) و «النكت على المحرر» (١/ ٣٠).
(٦) انظر: «رؤوس المسائل» للشريف (١/ ١٦٥)، و «الفروع مع التصحيح» (١/ ٤٠٣ - ٤٠٤). وقد ورد «والآمدي» في الأصل والمطبوع بعد «القاضي»، والصواب ما أثبت من (ف).
(٧) «أصلًا» ساقط من الأصل.