للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسه لم يجز أن يفعله عن غيره؛ لأن الأول فرض، والثاني نَفْل، كمن عليه دَين هو مُطالَب به، ومعه دراهم بقدره، لم يكن له أن يصرفها إلا إلى دَينه، وكذلك كل ما احتاج إلى صرفه في واجب عنه فلم يكن له أن يفعله (١) عن غيره.

وأيضًا فإنه إذا حضر المشاعر تعيَّن الحج عليه، [ق ١٧١] فلم يكن له أن يفعله عن غيره، كما لو حضر صفَّ القتال فأراد أن يقاتل عن غيره (٢)، فعلى هذا إذا خالف وأحرم عن غيره ففيه روايتان ذكرهما كثير من أصحابنا:

إحداهما: ينعقد إحرامه عن نفسه، وعليه أن يعتقد أن ذلك الإحرام عن نفسه، فإن لم يعتقد ذلك حتى قضى الحج وقع عنه وأجزأ عن حجة الإسلام في حقه، ولم يقع عن الملبَّى عنه. وهذا قول الخرقي (٣) وأكثر أصحابنا.

والأخرى: يقع الإحرام باطلًا فلا يُجزئ عنه ولا عن غيره، وهذا قول أبي بكر (٤)، وقدَّمه ابن أبي موسى (٥). وقال أبو حفص العُكْبَري (٦): ينعقد الإحرام عن المحجوج عنه، ثم يقلبه الحاج عن نفسه.

ووجه هذين قوله - صلى الله عليه وسلم -: «حُجَّ عن نفسك، ثم حُجَّ عن شبرمة»، وقوله: «اجعلْ هذه عن نفسك، ثم حُجَّ عن شبرمة» (٧)، وفي رواية للدارقطني (٨)


(١) «فلم يكن له أن يفعله» ساقطة من س.
(٢) «وأيضًا فإنه ... عن غيره» ساقطة من ق.
(٣) في «مختصره» مع شرحه «المغني» (٥/ ٤٢).
(٤) كما في «التعليقة» (١/ ١٠٤).
(٥) في «الإرشاد» (ص ١٨٠).
(٦) في «شرح الخرقي» كما في «التعليقة» (١/ ١٠٤).
(٧) الأول لفظ أبي داود (١٨١١) والثاني لفظ ابن ماجه (٢٩٠٣).
(٨) (٢/ ٢٧٠). ولعل المؤلف وصفها بالحُسن دون الصحّة، لأن في إسنادها حُميد بن الربيع الكوفي مختلف فيه، كان الإمام أحمد يُحسن القول فيه، وكذا الدارقطني، وضعّفه النسائي وغيره. انظر «لسان الميزان» (٣/ ٢٩٧ - ٢٩٨).